عليها، ويمكنه الانصراف عنها فإنها إذا اشتدت وتمكنت لا يمكنه دفع العلم عن نفسه، كما لا يمكن المرتعش دفع حركته.
وأجيب هؤلاء عن هذا بأن عدم القدرة على الفعل لا يقتضي كونه غير مكتسب، لأنا لجماعتنا نقول: إن القدرة الحادثة لا تتقدم المقدور بل تقارنه، وهي إذا قارنته (... جو) ولم يصح رفعه في حال وجوده، ولهذا قلنا: من اشتد في الجري، واستفرغ فيه وسعه، ثم حاول نظر جريه فلابد [من] حركات بعد إرادة القطع، يتدرج بها اقطع قليلا قليلا، فتلك الحركات مكتسبة، وإن كانت لا يمكنه رفعها (...) نفي الاقتدار على العلم، والانفصال عنها.
وأما من ذهب من أئمتنا إلى إثبات القدرة على العلم، وهو عندنا المذهب [الذي أخذ به] الجمهور منا، فإن نكتته أيضًا وجهان أحدهما إحساس التفرقة بين العلم الضروري (... لوم واحـ ...) مثلان، وإن كان أحدهما ضروريا، والآخر نظريا، فإذا أثبتنا؟ (...) للقطع (...) وجود القدرة (...)(ص ٢٩) وعدمها في الآخر، وأجيب هؤلاء عن هذا بأن التفرقة المحسوسة إذا كان لابد من صرفها عن نفس العلمين إلى سواها، فلستم أحق منا إذا صرفنا التفرقة إلى وجود النظر في أحد العلمين ونفيه عن الآخر.
واعتذر الآخرون عن هذا بأن التفرقة محسوسة مع تقصي النظر، وعدمه، والعدم لا وجه لصرف التفرقة إليه، وهذا الفصل من لمشكلات، وإنما يصفو بعد الخوض في أحكام القدر ولليس هذا موضعه.
والوجه الثاني الاستدلال بأوامر الشرع، بمعرفة الله سبحانه، والضروري لا يؤمر به وأجيب هؤلاء عن هذا بصرف الأوامر الواردة في هذا إلى النظر المؤدي إلى المعارف، فإذا علمت حقيقة المذهبين، فالعلم الواقع نظريًا عند من نفي القدرة عليه، يختلف أصحاب هذا المذهب في صفة وقوعه، فالمعتزلي يثبت وقوعه على جهة التولد، ومذهبهم قد علم في صفة القدرة على المتولدات، وأما نحن فننكر التولد، ونثبت التضمن والتلازم، من غير إثبات كون النظر علة ومولدا، وإذا كشفنا كيفية وقوع العلوم، وأخبرنا بمبادئها على الجملة، فلنكشف عن مبادئ العلوم النظرية.