- أو السمع مقدم، لأن الله تعالى قدمه، إذ يقول:(أفأنت تُسمع الصم)، ثم ذكر بعده (أو تهدى العمى)؟
- وقيل البصر، والسمع سيان، ولكنهما مقدمان على غيرهما.
ثم العلم بالأخبار المتواترة لكونه يفتقر إلى فكرة ما، ثم العلم بالصنائع والحرف، ثم العلم بقرائن الأحوال كخجل الخجل، ووجل الوجل، ثم العلم بالنظريات العقلية، ثم العلم بجواز انبعاث الرسل، ثم العلم بالمعجزات، ثم العلم بالسمعيات الكتاب والسنة وإجماع الأمة.
وهذه التقاسيم التي حكاها فيها اختلال، واعتل أصحابنا بأضعف اعتلال، ولا وجه لتأخيرهم المدركات، لأجل غلظ يقع فيها، كما يرى من اعتل بصره [فرأى] بعض المرئيات على غير ما هي به، لأن هذا لو التفت إليه لكان قادحا في العلوم الضرورية، وبهذا اعتل السوفسطائية لإنكارهم جميع الضروريات، فإذا لم يلتفت سائر العقلاء إليه لما احتج السوفسطائية فكذلك هاهنا، وإنما نتكلم على السليم الحواس.
ولا وجه أيضًا لتأخيرهم العلم بامتناع اجتماع الضدين لكون العلم بذلك يفتقر إلى فكرة في ذات الضدين لأنا إنما نشير هاهنا إلى العلم باستحالة الحالتين النقيضين، فعلم الإنسان بأنه لا يصح أن يكون حيا ميتا، ولا قائما قاعدا كعلمه بنفسه ولذاته وألمه، وأما ذات الضدين فقد قال قوم من أئمتنا إنما يعلم استحالة اجتماعهما بالدليل، ولهذا غلط فيه أصحاب الكمون والظهور، وأما الحالان المحسوستان فلم يجوز اجتماعهما أهل الكمون هذا التقسيم [العلم] بالحرف والصناعات على العلم بقرائن الأحوال، وأنى لهم بذلك؟
وبين الأئمة خلاف [في العلم] بالحرف والصناعات، هل هي مكتسبات أو ضروريات؟
فمنهم من قال إنها نظريات، لأن متعلم الصنعة لا يهجم عليها حتى يستعمل فكرة،