للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُطْبَقَةً صُدِّقَ الْمُتَبَرَّعُ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ عَنْ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَعَلَى الْوَارِثِ الْبَيِّنَةُ وَيَكْفِيه غَيْرُ طَبِيبَيْنِ كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ مُشْكِلٌ

(فَإِنْ صَحَّ) الْمَرِيضُ الْمُتَبَرِّعُ بِالزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ (تَبِنْ صِحَّتُهُ) أَيْ صِحَّةُ تَبَرُّعِهِ بِالزَّائِدِ وَإِنْ مَاتَ فِيهِ وَرَدَّ الْوَارِثُ التَّبَرُّعَ بِأَنَّ بُطْلَانَهُ فِي الزَّائِدِ سَوَاءٌ مَاتَ بِهِ أَمْ بِسَبَبٍ آخَرَ كَقَتْلٍ أَوْ غَرَقٍ (وَيَظْهَرُ) أَيْ يُبَيِّنُ (الْبُطْلَانُ) فِي الزَّائِدِ حَالَةَ الرَّدِّ (إنْ لَمْ يَكُ) الْمَرَضُ (ذَا خَوْفٍ فَمَاتَ) الْمُتَبَرِّعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَمْنُوعًا مِنْ تَبَرُّعِهِ بِالزَّائِدِ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهُ مَخُوفٌ (إلَّا إذَا مَاتَ) فِي غَيْرِ الْمَخُوفِ (فُجَاءَةً) بِضَمِّ الْفَاءِ وَفَتْحِ الْجِيمِ، وَالْمَدِّ كَاتِّصَالِهِ بِوَجَعِ ضِرْسٍ أَوْ رَمَدٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا لَا يُحَالُ الْمَوْتُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَتَبَيَّنُ الْبُطْلَانَ وَكَاتِّصَالِهِ بِحُمَّى يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إذَا كَانَ تَبَرُّعُهُ بَعْدَ عَرَقِهِ، لِأَنَّ أَثَرَهَا زَالَ بِالْعَرَقِ، وَالْمَوْتُ بِسَبَبٍ آخَرَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ قَبْلَ عَرَقِهِ ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ قَالَا وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْمَخُوفِ كَوْنُ الْمَوْتِ مِنْهُ غَالِبًا بَلْ يَكْفِي أَنْ لَا يَكُونُ نَادِرًا وَلَوْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: هَذَا غَيْرُ مَخُوفٍ لَكِنَّهُ يُفْضِي إلَى الْمَخُوفِ فَمَخُوفٌ أَوْ يُفْضِي إلَى الْمَخُوفِ نَادِرًا فَلَا وَاسْتَشْكَلَا الْأَوَّلَ بِالْحَمْلِ قَبْلَ الطَّلْقِ

(بِأَوْصَيْتُ) صِلَةٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ التَّوْصِيَةُ وَلَوْ قَالَ بِنَحْوِ أَوْصَيْت كَانَ أَعَمَّ أَيْ إنَّمَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِإِيجَابٍ صَرِيحٍ كَأَوْصَيْتُ لَهُ بِكَذَا (كَذَا اُعْطُوا) لَهُ بَعْدَ مَوْتِي كَذَا وَكَأَعْطُوا ادْفَعُوا وَنَحْوُهُ (وَمِنْ مَالِي لَهُ جَعَلْتُ) كَذَا بَعْدَ مَوْتِي أَوْ هُوَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ مَلَكْته أَوْ وَهَبْته كَذَا بَعْدَ مَوْتِي وَتَقْيِيدُهُ كَأَصْلِهِ جَعَلْته لَهُ بِقَوْلِهِ مِنْ مَالِي وَهْمٌ وَإِنَّمَا حَقُّهُ التَّقْيِيدُ بِبَعْدِ الْمَوْتِ كَمَا تَقَرَّرَ (وَبِكِنَايَةٍ) مَعَ النِّيَّةِ (كَقَدْ عَيَّنْت) لَهُ كَذَا وَذَا لَهُ مِنْ مَالِي فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ ذَا لَهُ فَإِقْرَارٌ وَقَوْلُهُ كَقَدْ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَالْكَتْبِ) أَيْ وَكَالْكِتَابَةِ لِلْوَصِيَّةِ وَإِنْ كَانَ الْمَكْتُوبُ صَرِيحَ إيجَابٍ، وَالْكَاتِبُ نَاطِقًا (وَالْقَبُولِ) أَيْ إنَّمَا تَصِحُّ بِالْإِيجَابِ كَمَا مَرَّ وَبِالْقَبُولِ (مِنْ) مُوصًى لَهُ (مُعَيَّنٍ) كَالْهِبَةِ فَلَوْ قَبِلَ بَعْضَ الْمُوصَى بِهِ فَفِيهِ احْتِمَالَانِ لِلْغَزَالِيِّ وَنَظِيرُهُ الْهِبَةُ، وَالْأَرْجَحُ فِيهَا الْبُطْلَانُ لَكِنَّ الْقَبُولَ فِي الْوَصِيَّةِ عَلَى التَّرَاخِي فَهِيَ دُونَهَا وَدَخَلَ فِي الْمُعَيَّنِ الْمُتَعَدِّدُ الْمَحْصُورُ كَبَنِي زَيْدٍ فَيَتَعَيَّنُ قَبُولُهُمْ وَيَجِبُ اسْتِيعَابُهُمْ، وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُعَيَّنُ غَيْرَ آدَمِيٍّ كَمَسْجِدٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَالْوَصِيَّةِ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ وَيَقْبَلُ لِلْحَمْلِ مَنْ يَلِي أَمْرَهُ بَعْدَ انْفِصَالِهِ حَيًّا فَإِنْ قَبِلَ لَهُ قَبْلَ انْفِصَالِهِ ثُمَّ انْفَصَلَ حَيًّا فَقَوْلَانِ كَمَنْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ بِظَنِّ حَيَاتِهِ فَبَانَ مَيِّتًا وَقَالَ الْقَاضِي وَالْقَفَّالُ: لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَخَرَجَ بِالْمُعَيَّنِ غَيْرُهُ كَالْفُقَرَاءِ، وَالْقَبِيلَةِ كَالْهَاشِمِيَّةِ، وَالْمُطَّلِبِيَّة، وَالْعَلَوِيَّةِ فَلَا يُعْتَبَرُ قَبُولُهُمْ بَلْ تَلْزَمُ الْوَصِيَّةُ بِالْمَوْتِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: كَاتِّصَالِهِ بِوَجَعِ ضِرْسٍ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ أَوْ مَاتَ فِي غَيْرِ الْمَخُوفِ وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ كَإِسْهَالِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ لَمْ يَنْفُذْ تَبَرُّعُهُ بِالزَّائِدِ بِدُونِ إجَازَةٍ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهُ مَخُوفٌ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَوْنُهُ مِنْهُ كَوَجَعِ ضِرْسٍ نَفَذَ تَبَرُّعُهُ وَحُمِلَ مَوْتُهُ عَلَى الْفُجَاءَةِ وَبِهَذِهِ يَتَفَارَقُ الْمَرَضَانِ الْمَخُوفُ وَغَيْرُهُ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ فِي الْمَرَضِ ثُمَّ قَالَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَالْقَتْلُ، وَالْمَوْتُ بِسُقُوطٍ مِنْ سَطْحٍ أَوْ نَحْوِهِ فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ كَالْمَوْتِ بِهِ فَيُعْتَبَرُ تَبَرُّعُهُ مِنْ الثُّلُثِ أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَخُوفِ وَبِهَذَا أَيْضًا يَتَفَارَقَانِ (قَوْلُهُ مِمَّا لَا يُحَالُ عَلَيْهِ) وَكَانَ قُتِلَ أَوْ غَرِقَ، وَالْمَرَضُ غَيْرُ مَخُوفٍ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ تَبَرُّعُهُ بَعْدَ غَرَقِهِ) فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُقَالَ إذَا كَانَ مَوْتُهُ بَعْدَ غَرَقِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ بِرّ.

(قَوْلُهُ: وَاسْتَشْكَلَا الْأَوَّلَ بِالْحَمْلِ قَبْلَ الطَّلْقِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحَمْلَ لَيْسَ مِنْ الْأَمْرَاضِ الَّتِي الْكَلَامُ فِيهَا. اهـ. وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَلَعَلَّهُ سَكَتَ عَنْهُ هُنَا لِذَلِكَ

(قَوْلُهُ: وَذَا لَهُ مِنْ مَالِي) وَكَذَا جَعَلْتُهُ لَهُ مِنْ مَالِي كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الْمُقْرِي.

(قَوْلُهُ: وَالْأَرْجَحُ فِيهَا الْبُطْلَانُ) الْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ م ر (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ) لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ قَيِّمِ الْمَسْجِدِ فِيمَا نَظُنُّهُ وَرَجَّحَهُ الْجَوْجَرِيُّ وَاعْتَمَدَهُ م ر.

(قَوْلُهُ: كَالْفُقَرَاءِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ انْحَصَرُوا

ــ

[حاشية الشربيني]

وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ مَتَى تَوَلَّدَ مِنْهُ الْمَوْتُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى نُدُورٍ كَانَ مَخُوفًا حُكْمًا

(قَوْلُهُ: فُجَاءَةً) الْمُرَادُ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ شَيْءٍ لَا يُحَالُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ فَيُحْمَلُ عَلَى الْفُجَاءَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ.

(قَوْلُهُ: وَكَاتِّصَالِهِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ سَبَبٌ يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ غَيْرُ تِلْكَ الْحُمَّى، وَإِلَّا أُحِيلَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا فِي نَفْسِهَا غَيْرُ مَخُوفَةٍ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَكُونَ نَادِرًا) ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْتُ مِنْهُ أَقَلَّ مِنْ السَّلَامَةِ مِنْهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَا الْأَوَّلَ بِالْحَمْلِ قَبْلَ الطَّلْقِ) دَفَعَهُ م ر وَحَجَرٌ بِقَوْلِهِمَا لَا أَثَرَ لِتَوَلُّدِ الطَّلْقِ الْمَخُوفِ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَرَضٍ، وَالْكَلَامُ السَّابِقُ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَرَضِ لَكِنْ قَالَ سم لَمْ يَظْهَرْ مِنْ هَذَا فَرْقٌ مَعْنَوِيٌّ. اهـ.، وَقَدْ يُقَالُ الْفَرْقُ مَعْنَوِيٌّ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ قَبْلَ الطَّلْقِ لَيْسَتْ مَرِيضَةً أَصْلًا بِخِلَافِ ذِي الْمَرَضِ غَيْرِ الْمَخُوفِ فَإِنَّهُ إذَا تَوَلَّدَ مِنْهُ الْمَخُوفُ كَانَ كَأَنَّهُ مَرِيضٌ بِالْمَخُوفِ لِتَوَلُّدِ الْمَخُوفِ مِنْهُ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الْحَمْلِ فَإِنَّ الطَّلْقَ لَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ يَعْقُبُ فَرَاغَ مُدَّتِهِ تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ وَالْقَبُولُ) ، وَإِذَا لَمْ يَقْبَلْ، وَلَمْ يَرُدَّ طُولِبَ بِالْقَبُولِ أَوْ الرَّدِّ فَإِنْ أَبَى حُكِمَ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ. اهـ. أَنْوَارٌ

(قَوْلُهُ: وَالْأَرْجَحُ فِيهَا الْبُطْلَانُ) الْأَرْجَحُ الْقَبُولُ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَبُولِ الْبَعْضِ ثُمَّ قَبِلَ الْبَعْضَ الْآخَرَ صَحَّ أَيْضًا شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ.

(قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>