للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُحَقِّقِينَ لَا يُقِيمُونَ لِلظَّاهِرِيَّةِ وَزْنًا وَإِنَّ خِلَافَهُمْ لَا يُعْتَبَرُ مَحَلُّهُ عِنْدِي ابْنُ حَزْمٍ وَأَمْثَالُهُ وَأَمَّا دَاوُد فَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ أَوْ غَيْرُهُ إنَّ خِلَافَهُ لَا يُعْتَبَرُ فَلَقَدْ كَانَ جَبَلًا مِنْ جِبَالِ الْعِلْمِ، وَالدِّينِ لَهُ مِنْ سَدَادِ النَّظَرِ وَسَعَةِ الْعِلْمِ وَنُورِ الْبَصِيرَةِ، وَالْإِحَاطَةِ بِأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ، وَالْقُدْرَةِ عَلَى الِاسْتِنْبَاطِ مَا يَعْظُمُ وَقْعُهُ وَقَدْ دُوِّنَتْ كُتُبُهُ وَكَثُرَتْ أَتْبَاعُهُ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ فِي طَبَقَاتِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْمَتْبُوعِينَ فِي الْفُرُوعِ (وَ) أُولُوا (الْحَدِيثِ) أَيْ بِأَنْ يَعْرِفُوا طُرُقَهُ وَأَسْمَاءَ الرُّوَاةِ، وَالْمُتُونِ (لَا) أُولُوا (التَّعْبِيرِ) ، وَالْقِرَاءَةِ، وَالطِّبِّ، وَالْأَدَبِ، وَالتَّنْجِيمِ، وَالْحِسَابِ، وَالْهَنْدَسَةِ، وَالْكَلَامِ وَمُجَرَّدِ سَمَاعِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهَا لِاشْتِهَارِ الْعُرْفِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ دُونَ غَيْرِهَا نَعَمْ اسْتَدْرَكَ السُّبْكِيُّ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ بِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِهِ الْعِلْمِ بِاللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَمَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ لِيَرُدَّ عَلَى الْمُبْتَدِعَةِ وَيُمَيِّزَ بَيْنَ الِاعْتِقَادِ الصَّحِيحِ، وَالْفَاسِدِ فَذَلِكَ مِنْ أَجَلِّ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَقَدْ جَعَلُوهُ فِي كِتَابِ السِّيَرِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ التَّوَغُّلُ فِي شُبَهِهِ، وَالْخَوْضُ فِيهِ عَلَى طَرِيقِ الْفَلْسَفَةِ فَلَا وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الشَّافِعِيِّ وَلِهَذَا قَالَ: لَأَنْ يَلْقَى الْعَبْدُ رَبَّهُ بِكُلِّ ذَنْبٍ مَا خَلَا الشِّرْكَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَلْقَاهُ بِعِلْمِ الْكَلَامِ، وَالتَّصْرِيحُ بِعَدَمِ دُخُولِ الْمُعَبَّرِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ تَبَعًا لِابْنِ يُونُسَ: وَالْمُرَادُ بِالْمُقْرِي التَّالِي أَمَّا الْعَالِمُ بِالرِّوَايَاتِ وَرِجَالِهَا فَكَالْعَالِمِ بِطُرُقِ الْحَدِيثِ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ بَعْدَ أَنْ رَدَّهُ مِنْ حَيْثُ الْمَذْهَبُ بِأَنَّ عِلْمَ الْقِرَاءَاتِ يَتَعَلَّقُ بِالْأَلْفَاظِ دُونَ الْمَعَانِي فَالْعَارِفُ بِهِ لَا يَدْخُلُ فِي اسْمِ الْعُلَمَاءِ وَبِأَنَّ التَّالِيَ قَارِئٌ لَا مُقْرِئٌ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَوْ أَوْصَى لِأَعْلَمِ النَّاسِ صُرِفَ إلَى الْفُقَهَاءِ لِتَعَلُّقِ الْفِقْهِ بِأَكْثَرِ الْعُلُومِ وَلَوْ أَوْصَى لِأَعْقَلِ النَّاسِ قَالَ الشَّافِعِيُّ صُرِفَ إلَى أَزْهَدِهِمْ أَوْ لِأَجْهَلِ النَّاسِ حَكَى الرُّويَانِيُّ أَنَّهُ يُصْرَفُ إلَى عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ فَإِنْ قَالَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَإِلَى مَنْ يَسُبُّ الصَّحَابَةَ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي إلَى الْإِمَامِيَّةِ، والمجسمية وَقِيلَ إلَى مُرْتَكِبِي الْكَبَائِرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ لِأَبْخَلِ النَّاسِ قَالَ الْبَغَوِيّ صُرِفَ إلَى مَانِعِي الزَّكَاةِ

(وَ) الْوَصِيَّةُ (لِسَبِيلِ اللَّهِ) تُصْرَفُ (لِلْغَازِينَ) الَّذِينَ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الدِّيوَانِ وَهُمْ مُسْتَحِقُّو الزَّكَاةِ (وَ) الْوَصِيَّةُ (لِلرِّقَابِ) تُصْرَفُ (لِلْمُكَاتَبِينَ) فَإِنْ عَادُوا لِلرِّقِّ اُسْتُرِدَّ الْمَدْفُوعُ إنْ كَانَ بَاقِيًا (وَقَوْلُهُ) أَوْصَيْتُ (لِخَالِدٍ، وَالْفُقَرَا) أَوْ نَحْوِهِمْ مِمَّنْ لَيْسُوا بِمَحْصُورِينَ (يَجُوزُ) فِيهِ (إعْطَاء خَالِدٍ) غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا (مَا نَزَرَا) بِضَمِّ الزَّايِ أَيْ مَا قَلَّ فَهُوَ كَأَحَدِهِمْ لَكِنْ لَا يُحْرَمُ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ أَحَدِهِمْ لِعَدَمِ وُجُوبِ اسْتِيعَابِهِمْ فَلَوْ وَصَفَ خَالِدًا بِصِفَتِهِمْ فَقَالَ لِخَالِدٍ الْفَقِيرِ، وَالْفُقَرَاءِ فَحُكْمُهُ كَذَلِكَ إنْ كَانَ فَقِيرًا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَحِصَّتُهُ لَهُمْ لَا لِوَرَثَةِ الْمُوصِي أَوْ بِغَيْرِ صِفَتِهِمْ كَالْمُكَاتَبِ أَوْ قَرَنَهُ بِمَحْصُورِينَ كَخَالِدٍ وَأَوْلَادِ فُلَانٍ فَلَهُ النِّصْفُ وَلَوْ أَوْصَى لِمُدَرِّسٍ وَإِمَامٍ وَعَشَرَةِ فُقَهَاءَ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقَسَّمُ عَلَى ثَلَاثَةٍ لِلْعَشَرَةِ ثُلُثُهَا أَخْذًا مِمَّا قَالَهُ السُّبْكِيُّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوَقْفِ وَلَوْ أَوْصَى لِخَالِدٍ بِدِينَارٍ وَلِلْفُقَرَاءِ بِثُلُثِ مَالِهِ لَمْ يُصْرَفْ لَهُ غَيْرُ الدِّينَارِ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا لِأَنَّهُ قَطَعَ اجْتِهَادَ الْوَصِيِّ بِالتَّقْدِيرِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ إذَا جَازَ أَنْ يَكُونَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَالْأَدَبُ) يَدْخُلُ فِيهِ النَّحْوُ وَغَيْرُهُ فَمِنْ هُنَا تَعْلَمُ أَنَّ آلَةَ عُلُومِ الشَّرْعِ لَيْسَ لَهَا هُنَا حُكْمُهَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَالْمُرَادُ بِالْأُدَبَاءِ النُّحَاةُ، وَاللُّغَوِيُّونَ وَقَدْ عَدَّ الزَّمَخْشَرِيُ الْأَدَبَ اثْنَيْ عَشَرَ عِلْمًا (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِ الْفِقْهِ بِأَكْثَرِ الْعُلُومِ) قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يُثْبِتُ الْأَعْلَمِيَّةَ لِأَنَّهُ بَقِيَ مَرْتَبَةٌ أَعْلَى وَهِيَ مَعْرِفَةُ الْفِقْهِ مَعَ جَمِيعِ الْعُلُومِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَضِيَّةَ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ مَنْ عَرَفَ الْفِقْهَ مَعَ أَكْثَرِ الْعُلُومِ أَعْلَمُ النَّاسِ مَعَ أَنَّ مَنْ عَرَفَ الْفِقْهَ مَعَ جَمِيعِ الْعُلُومِ أَعْلَمُ مِنْ هَذَا فَلَا يَكُونُ هَذَا أَعْلَمَ النَّاسِ (قَوْلُهُ فَإِلَى مَنْ يَسُبُّ الصَّحَابَةَ) جَزَمَ فِي الرَّوْضِ بِهِ قَالَ فِي شَرْحِهِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ لَا يُلَائِمُ قَوْلَهُمْ: إنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْجِهَةِ عَدَمُ الْمَعْصِيَةِ وَقَدْ تَفَطَّنَ لِذَلِكَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ فَقَالَ وَيَنْبَغِي عَدَمُ صِحَّتِهَا لِمَا فِيهَا مِنْ الْمَعْصِيَةِ كَمَا لَا تَصِحُّ لِقَاطِعِ الطَّرِيقِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ جِهَةَ الْمَعْصِيَةِ إنَّمَا ذُكِرَتْ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُجَسِّمَةِ) بِنَاءً عَلَى إسْلَامِهِمْ فَإِنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى تَكْفِيرِهِمْ

(قَوْلُهُ: لِلْمُكَاتَبِينَ) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ الْوَجْهُ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ إذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ قَالَ أَعْتِقُوا عَنِّي رِقَابًا أَوْ اشْتَرُوا بِثُلُثَيْ مَالِي رِقَابًا وَلَمْ يَفِ الثُّلُثُ إلَّا بِوَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يُقْتَصَرُ عَلَيْهَا كَمَا يُفْهَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بَاقِيًا)

ــ

[حاشية الشربيني]

الْفُقَهَاءِ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ لِأَنَّهُمْ بَعْضُ الْفِقْهِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ: وَأَسْمَاءَ الرُّوَاةِ) قَالَ الْغَزَالِيُّ يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ إغْنَاءَ أَصْحَابِ الْكُتُبِ الصِّحَاحِ بِهِ فَإِنَّهُمْ أَثْبَاتٌ يُعْتَمَدُ مَا قَالُوهُ. اهـ. نَاشِرِيٌّ

(قَوْلُهُ: نَعَمْ اسْتِدْرَاكٌ إلَخْ) لَكِنَّ هَذَا الِاسْتِدْرَاكَ لَا يُفِيدُ شُهْرَتَهُ فِي الْعُرْفِ فَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ دُخُولِهِ كَمَا فِي ق ل.

(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْمُقْرِئِ) أَيْ فِي قَوْلِهِمْ لَا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْعُلَمَاءِ الْمُقْرِئُ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ، وَالرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ التَّالِيَ قَارِئٌ لَا مُقْرِئٌ) أَيْ، وَالْوَاقِعُ فِي عِبَارَاتِ عُلَمَاءِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْعُلَمَاءِ الْمُقْرِئُ (قَوْلُهُ لِتَعَلُّقِ الْفِقْهِ بِأَكْثَرِ الْعُلُومِ) قَدْ يُقَالُ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِنْبَاطِ، وَالْمُرَادُ بِالْفِقْهِ هُنَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ مَعْرِفَةُ شَيْءٍ مِنْهُ يَهْتَدِي بِهِ إلَى بَاقِيهِ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: يَجُوزُ فِيهِ إعْطَاءٌ إلَخْ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي بُغْيَةِ الْفُقَرَاءِ فَالْخِيرَةُ لِنَحْوِ الْوَصِيِّ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ فَقِيرًا) مَحَلُّهُ إنْ وَصَفَهُ بِذَلِكَ ظَانًّا فَقْرَهُ أَمَّا لَوْ كَانَ عَالِمًا بِغِنَاهُ فَلَا، وَقَدْ يَصِفُهُ بِذَلِكَ لِتَكَسُّبِهِ بِحِرْفَةِ الْفُقَرَاءِ أَوْ لِقِلَّةِ غِنَاهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُوصِي، وَهَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْوَصْفُ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ بِحَيْثُ صَارَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِهِ مَعَ غِنَاهُ بِحَيْثُ صَارَ لَقَبًا لَهُ كَبِشْرِ الْحَافِي فَإِنَّهُ يُعْطَى، وَإِنْ خَلَا عَنْ ذَلِكَ الْوَصْفِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُوصِي إنَّمَا قَصَدَ التَّعْرِيفَ لَا غَيْرُ. اهـ. مِنْ هَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: إذَا جَازَ إلَخْ) رَدَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>