نحن بالخيار فقال صلّى الله عليه وسلّم: «أنت بالخيار إن شئت أعتقت وإن شئت كسوت وإن شئت أطعمت فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعات» .
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن حميد، وابن جرير، وابن أبي داود في المصاحف، وابن المنذر، والحاكم وصححه، والبيهقي عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ «فصيام ثلاثة أيام متتابعات» . وأخرج غالب هؤلاء عن ابن مسعود أنه كان يقرأ أيضا كذلك، وقال سفيان: نظرت في مصحف الربيع فرأيت فيه «فمن لم يجد من ذلك شيئا فصيام ثلاثة أيام متتابعات» وبمجموع ذلك يثبت اشتراط التتابع على أتم وجه، وجوز الشافعي رحمه الله تعالى التفريق ولا يرى الشواذ حجة، ولعل غير ذلك لم يثبت عنده واعتبر عدم الوجدان والعجز عما ذكر عندنا وقت الأداء حتى لو وهب ماله وسلمه ثم صام ثم رجع بهبته أجزأه الصوم كما في المجتبى، ونسب إلى الشافعي رضي الله تعالى عنه اعتبار العجز عند الحنث. ويشترط استمرار العجز إلى الفراغ من الصوم فلو صام المعسر يومين ثم قبل فراغه ولو بساعة أيسر ولو بموت. مورثه موسرا لا يجوز له الصوم ويستأنف بالمال. ولو صام ناسيا له لم يجز على الصحيح، واختلف في الواجد فأخرج أبو الشيخ عن قتادة قال: إذا كان عنده خمسون درهما فهو ممن يجد ويجب عليه الإطعام وإن كان عنده أقل فهو ممن لا يجد ويصوم.
وأخرج عن النخعي قال: إذا كان عنده عشرون درهما فعليه أن يطعم في الكفارة، ونقل أبو حيان عن الشافعي.
وأحمد. ومالك أن من عنده فضل عن قوته وقوت من تلزمه نفقته يومه وليلته وعن كسوته بقدر ما يطعم أو يكسو فهو واجد، وعن الإمام أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه إذا لم يكن عنده نصاب فهو غير واجد.
ذلِكَ أي الذي مضى ذكره كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ أي وحنثتم وقد مر تفصيل ذلك. وإِذا على ما قال السمين لمجرد الظرفية وليس فيها معنى الشرط، وجوز أن تكون شرطية ويكون جوابها محذوفا عند البصريين، والتقدير إذا حلفتم وحنثتم فذلك كفارة أيمانكم. ويدل على ذلك ما تقدم أو هو ما تقدم عند الكوفيين والخلاف بين الفريقين مشهور وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ أي راعوها لكي تؤدوا الكفارة عنها إذا حنثتم أو احفظوا أنفسكم من الحنث فيها وإن لم يكن الحنث معصية أو لا تبذلوها وأقلوا منها كما يشعر به قوله تعالى: وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ [البقرة: ٢٢٤] وعليه قول الشاعر:
قليل الألايا حافظ ليمينه ... إذا بدرت منه الألية برت
أو احفظوها ولا تنسوا كيف حلفتم تهاونا بها وصحح الشهاب الأول. واعترض الثاني بأنه لا معنى له لأنه غير منهي عن الحنث إذا لم يكن الفعل معصية،
وقد قال صلّى الله عليه وسلّم «فليأت الذي هو خير وليكفر»
وقال سبحانه. فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ [التحريم: ٢] فثبت أن الحنث غير منهي عنه إذا لم يكن معصية فلا يجوز أن يكون احْفَظُوا أَيْمانَكُمْ نهيا عن الحنث، والثالث بأنه ساقط واه لأنه كيف يكون الأمر بحفظ اليمين نهيا عن اليمين وهل هو إلا كقولك: احفظ المال بمعنى لا تكسبه، وأما البيت فلا شاهد فيه لأن معنى حافظ ليمينه أنه مراع لها بأداء الكفارة ولو كان معناه ما ذكر لكان مكررا مع ما قبله أعني قليل الألايا-. واعترض الرابع بأنه بعيد فتدير كَذلِكَ أي ذلك البيان البديع يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ أعلام شريعته وأحكامه لا بيانا أدنى منه، وتقديم لَكُمْ على المفعول الصريح لما مر مرارا.
لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ نعمة التعليم أو نعمة الواجب شكرها يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وهو المسكر المتخذ من عصير العنب أو كل ما يخامر العقل ويغطيه من الأشربة.
وروي هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما وَالْمَيْسِرُ وهو القمار وعدوا منه اللعب بالجوز والكعاب