للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني ولا شيء فيه وإن لم يصل، وجعل ورود النص في الفواسق ورودا فيها دلالة ولم يحك خلافا لكن في الخانية، وعن أبي يوسف الأسد بمنزلة الذئب. وفي ظاهر الرواية السباع كلها صيد إلا الكلب والذئب ولعل استثناء الذئب لذكره في المستثنيات على ما أخرجه أبو شيبة. والدارقطني. والطحاوي.

وقيل: لأنه المراد بالكلب العقور في الخبر السابق، وقيل: وأما الكلب فقد جاء استثناؤه في الحديث إلا أنه وصف منه بالعقورية ولعل الإمام إنما يعتبر الجنس.

ونظر فيه بأنه يفضي إلى إبطال الوصف المنصوص عليه. وأجيب بأنه ليس للقيد بل لإظهار نوع إذائه فإن ذلك طبع فيه، وقال سعدي جلبي: لو صح هذا النظر يلزم اعتبار مفهوم الصفة بل سائر المفاهيم وهو خلاف ما في أصولنا، وأما كون السباع كلها صيدا إلا ما استثني ففيه خلاف للشافعي رضي الله تعالى عنه أيضا فعنده هي داخلة في الفواسق المستثنيات قياسا أو ملحقة بها دلالة أو لأن الكلب العقور يتناولها لغة.

وأجاب بعض الأصحاب بأن القياس على الفواسق ممتنع لما فيه من إبطال العدد وكذلك الإلحاق بها دلالة لأن الفواسق مما تعدو علينا للقرب منا والسبع ليس كذلك لبعده عنا فلا يكون في معنى الفواسق ليلحق بها، واسم الكلب وإن تناوله لغة لم يتناوله عرفا والعرف أقوى وأرجح في هذا الموضع كما في الإيمان لبنائه على الاحتياط، وفيه بحث طويل الذيل فتأمل.

وقرأ ابن عباس رضي الله تعالى عنهما «حرم عليكم صيد» ببناء حرم للفاعل ونصب صيد أي وحرم الله عليكم صيد البر ما دُمْتُمْ حُرُماً أي محرمين.

وقرىء «دمتم» بكسر الدال كخفتم من دام يدام وذلك لغة فيها. وقرأ ابن عباس رضي الله تعالى عنهما «حرما» بفتحتين أي ذوي حرم بمعنى إحرام أو على المبالغة،

وظاهر الآية يوجب حرمة ما صاده الحلال على المحرم وإن لم يكن له مدخل فيه وهو قول ابن عباس، وابن عمر، ونقل عن علي كرم الله تعالى وجهه،

وجماعة من السلف، واحتج له أيضا بما

أخرجه مسلم عن الصعب بن حثامة الليثي أنه أهدى لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم حمارا وحشيا، وفي رواية حمار وحش، وفي رواية من لحم حمار وحش، وفي رواية من رجل حمار وحش، وفي رواية عجز حمار وحش يقطر دما، وفي رواية شق حمار وحش، وفي أخرى عضوا من لحم صيد وهو عليه الصلاة والسلام بالأبواء أو بودان فرده عليه صلّى الله عليه وسلّم قال: فلما رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما في وجهي قال: «إنا لم نرده عليك إلّا أنا حرم» .

وعن أبي هريرة، وعطاء، ومجاهد وابن جبير ورواه الطحاوي عن عمر وطلحة، وعائشة رضي الله تعالى عنهم أنه يحل له أكل ما صاده الحلال وإن صاده لأجله إذا لم يدل عليه ولم يشر إليه ولا أمره بصيده. وكذا ما ذبحه قبل إحرامه وهو مذهب أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه على ما اختاره الطحاوي لأن الخطاب للمحرمين فكأنه قيل: وحرم عليكم ما صدتم في البر فيخرج منه مصيد غيرهم، أو يقال: إن المراد صيدهم حقيقة أو حكما وصورة الدلالة أو الأمر من الشق الثاني، وعن مالك، والشافعي، وأحمد، وداود رحمهم الله تعالى لا يباح ما صيد له لما

رواه أبو داود.

والترمذي والنسائي عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لحم الصيد حلال لكم وأنتم محرمون ما لم تصيدوه أو يصاد لكم»

وأجيب: بأنه

قد روى محمد عن أبي حنيفة عن ابن المنكدر عن طلحة بن عبيد الله رضي الله تعالى عنه «تذاكرنا لحم الصيد يأكله المحرم والنبي صلّى الله عليه وسلّم نائم فارتفعت أصواتنا فاستيقظ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال:

فيم تتنازعون؟ فقلنا: في لحم الصيد يأكله المحرم فأمرنا بأكله» ،

وروى الحافظ أبو عبد الله الحسين عن أبي حنيفة

<<  <  ج: ص:  >  >>