جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ أي صيرها، وسميت كعبة على ما روي عن عكرمة. ومجاهد لأنها مربعة والتكعيب التربيع، وتطلق لغة على كل بيت مربع، وقد يقال: التكعب للارتفاع، قيل: ومنه سميت الكعبة كعبة لكونها مرتفعة، ومن ذلك كعب الإنسان لارتفاعه ونتوه، وكعبت المرأة إذا نتأ ثديها، وقيل: سميت كعبة لانفرادها من البناء ورده الكرماني إلى ما قبله لأن المنفرد من البناء نات من الأرض.
وقوله تعالى: الْبَيْتَ الْحَرامَ عطف بيان على جهة المدح لأنه عرف بالتعظيم عندهم فصار في معنى المعظم أو لأنه وصف بالحرام المشعر بحرمته وعظمته، وذكر البيت كالتوطئة له فالاعتراض بالجمود من الجمود دون التوضيح، وقيل: جيء به للتبيين لأنه كان لخثعم بيت يسمونه بالكعبة اليمانية.
وجوز أن يكون بدلا وأن يكون مفعولا ثانيا لجعل، وقوله سبحانه: قِياماً لِلنَّاسِ نصب على الحال ويرده عطف ما بعده على المفعول الأول كما ستعلم قريبا إن شاء الله تعالى بل هذا هو المفعول الثاني.
وقيل: جَعَلَ بمعنى خلق فتعدى لواحد وهذا حال، ومعنى كونه قياما لهم أنه سبب إصلاح أمورهم وجبرها دينا ودنيا حيث كان مأمنا لهم وملجأ ومجمعا لتجارتهم يأتون إليه من كل فج عميق. ولهذا قال سعيد بن جبير: من أتى هذا البيت يريد شيئا للدنيا والآخرة أصابه، ومن ذلك أخذ بعضهم
أن التجارة في الحج ليست مكروهة. وروي هذا عن أبي عبد الله رضي الله تعالى عنه.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد قال: كان الناس كلهم فيهم ملوك يدفع بعضهم عن بعض ولم يكن