مجازا. ومنهم من قال: هو اسم صنم. وروي ذلك عن ابن عباس، والسدي، ومجاهد رضي الله تعالى عنهم. ومنهم من قال: هو وصف في لغتهم ومعناه المخطئ. وعن سلمان التيمي قال: بلغني أن معناه الأعوج. وعن بعضهم أنه الشيخ الهرم بالخوارزمية. وعلى القول بالوصفية يكون منع صرفه للحمل على موازنه وهو فاعل المفتوح العين فإنه يغلب منع صرفه لكثرته في الاعلام الأعجمية. وقيل: الأولى أن يقال: إنه غلب عليه فالحق بالعلم. وبعضهم يجعله نعتا مشتقا من الأزر بمعنى القوة أو الوزر بمعنى الإثم. ومنع صرفه حينئذ للوصفية ووزن الفعل لأنه على وزن أفعل. وعلى القول بأنه بمعنى الصنم يكون الكلام على حذف مضاف وإقامة المضاف إليه مقامه أي عابد آزر.
وقرأ يعقوب «آزر» بالضم على النداء، واستدل بذلك على العلمية بناء على أنه لا يحذف حرف النداء إلا من الإعلام وحذفه من الصفات شاذ أي ياء آزر أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً أي أتجعلها لنفسك آلهة على توجيه الإنكار إلى اتخاذ الجنس من غير اعتبار الجمعية وإنما إيراد صيغة الجنس باعتبار الوقوع وقرىء «أأزرا» بهمزتين الأولى استفهامية مفتوحة والثانية مفتوحة ومكسورة وهي إما أصلية أو مبدلة من الواو. ومن قرأ بذلك قرأ «تتخذ» بإسقاط الهمزة وهو مفعول به لفعل محذوف أي أتعبد آزرا على أنه اسم صنم ويكون تَتَّخِذُ إلخ بيانا لذلك وتقريرا وهو داخل تحت الإنكار أو مفعول له على أنه بمعنى القوة أي الأجل القوة تتخذ أصناما آلهة. والكلام إنكار لتعززه بها على طريقة قوله تعالى: أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ [النساء: ١٣٩] وجوز أن يكون حالا أو مفعولا ثانيا لتتخذ.
وأعرب بعضهم آزَرَ على قراءة الجمهور على أنه مفعول لمحذوف وهو بمعنى الصنم أيضا أي أتعبد آزر.
وجعل قوله سبحانه أَتَتَّخِذُ إلخ تفسيرا وتقريرا بمعنى أنه قرينة على الحذف لا بمعنى التفسير المصطلح عليه في باب الاشتغال لأن ما بعد الهمزة لا يعمل فيما قبلها وما لا يعمل لا يفسر عاملا كما تقرر عندهم. والذي عول عليه الجم الغفير من أهل السنة أن آزر لم يكن والد إبراهيم عليه السلام وادعوا أنه ليس في آباء النبي صلّى الله عليه وسلّم كافر أصلا
لقوله عليه الصلاة والسلام: «لم أزل أنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات والمشركون نجس» .
وتخصيص الطهارة بالطهارة من السفاح لا دليل له يعول عليه. والعبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب.
وقد ألفوا في هذا المطلب الرسائل واستدلوا له بما استدلوا، والقول بأن ذلك قول الشيعة كما ادعاه الإمام الرازي ناشىء من قلة التتبع، وأكثر هؤلاء على أن آزر اسم لعم إبراهيم عليه السلام. وجاء إطلاق الأب على العم في قوله تعالى: أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ [البقرة: ١٣٣] وفيه إطلاق الأب على الجد أيضا.
وعن محمد بن كعب القرظي أنه قال: الخال والد والعم والد وتلا هذه الآية.
وفي الخبر «ردوا على أبي العباس»
وأيد بعضهم دعوى أن أبا إبراهيم عليه السلام الحقيقي لم يكن كافرا وإنما الكافر عمه بما أخرجه ابن المنذر في تفسيره بسند صحيح عن سليمان بن صرد قال: لما أرادوا أن يلقوا إبراهيم عليه السلام في النار جعلوا يجمعون الحطب حتى إن كانت العجوز لتجمع الحطب فلما تحقق ذلك قال: حسبي الله تعالى ونعم الوكيل فلما ألقوه قال الله تعالى: يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ [الأنبياء: ٦٩] فكانت فقال عمه من أجلي دفع عنه فأرسل الله تعالى عليه شرارة من النار فوقعت على قدمه فأحرقته.
وبما أخرج عن محمد بن كعب وقتادة، ومجاهد، والحسن، وغيرهم أن إبراهيم عليه السلام لم يزل يستغفر لأبيه حتى مات فلما مات تبين له أنه عدو الله فلم يستغفر له ثم هاجر بعد موته وواقعة النار إلى الشام ثم دخل مصر واتفق له مع الجبار ما اتفق ثم رجع إلى الشام ومعه هاجر ثم أمره الله تعالى أن ينقلها وولدها إسماعيل إلى مكة فنقلهما