للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهدينا من آبائهم وأبنائهم وإخوانهم جماعات كثيرة أو معطوف على كلًّا فَضَّلْنا ومن تبعيضية أي فضلنا بعض آبائهم إلخ.

وجعله بعضهم عطفا على نوحا، ومن واقعة موقع المفعول به مؤولا ببعض. واعتبار البعضية لما أن منهم من لم يكن نبيا ولا مهديا قيل: وهذا في غير الآباء لأن آباء الأنبياء كلهم مهديون موحدون، وأنت تعلم أن هذا مختلف فيه نظرا إلى آباء نبينا صلّى الله عليه وسلّم وكثير من الناس من وراء المنع فما ظنك بآباء غيره من الأنبياء عليهم السلام.

ولا يخفى أن إضافة الآباء والأبناء والإخوان إلى ضمير هم لا يقتضي أن يكون لكل منهم أب أو ابن أو أخ فلا تغفل وَاجْتَبَيْناهُمْ عطف على فَضَّلْناهُمْ أي اصطفيناهم وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ تكرير للتأكيد وتمهيد لبيان ما هدوا إليه ولم يظهر لي السر في ذكر هؤلاء الأنبياء العظام عليهم من الله تعالى أفضل الصلاة وأكمل السلام على هذا الأسلوب المشتمل على تقديم فاضل على أفضل ومتأخر بالزمان على متقدم به وكذا السر في التقرير أولا بقوله تعالى: وَكَذلِكَ نَجْزِي إلخ وثانيا بقوله سبحانه: وكُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ والله تعالى أعلم بأسرار كلامه.

ذلِكَ أي الهدى إلى الطريق المستقيم أو ما يفهم من النظم الكريم من مصادر الأفعال المذكورة أو ما دانوا به، ما في ذلك من معنى البعد لما مر مرارا هُدَى اللَّهِ الإضافة للتشريف يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ هدايته مِنْ عِبادِهِ وهم المستعدون لذلك، وفي تعليق الهداية بالموصول إشارة إلى علية مضمون الصلة ويفيد ذلك أنه تعالى متفضل بالهداية وَلَوْ أَشْرَكُوا أي أولئك المذكورون لَحَبِطَ أي لبطل وسقط عَنْهُمْ مع فضلهم وعلو شأنهم ما كانُوا يَعْمَلُونَ أي ثواب أعمالهم الصالحة فكيف بمن عداهم وهم هم وأعمالهم أعمالهم أُولئِكَ إشارة إلى المذكورين من الأنبياء الثمانية عشر والمعطوفين عليهم عليهم السلام باعتبار اتصافهم بما ذكر من الهداية وغيرها من النعوت الجليلة كما قيل. واقتصر الإمام على المذكورين من الأنبياء. وعن ابن بشير قال: سمعت رجلا سأل الحسن عن أولئك فقال له: من في صدر الآية وهو مبتدأ خبره قوله سبحانه: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ أي جنسه. والمراد بإيتائه التفهيم التام لما فيه من الحقائق والتمكين من الإحاطة بالجلائل والدقائق أعم من أن يكون ذلك بالإنزال ابتداء وبالإيراث بقاء فإن ممن ذكر من لم ينزل عليه كتاب معين. وَالْحُكْمَ أي فصل الأمر بين الناس بالحق أو الحكمة وهي معرفة حقائق الأشياء وَالنُّبُوَّةَ فسرها بعضهم بالرسالة. وعلل بأن المذكورين هنا رسل لكن في المحاكمات لمولانا أحمد بن حيدر الصفوي أن داود عليه السلام ليس برسول وإن كان له كتاب ولم أجد في ذلك نصا. وذهب بعضهم إلى أن يوسف بن يعقوب عليه السلام ليس برسول أيضا. ويوسف في قوله تعالى: وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ ليس هو يوسف بن يعقوب عليهما السلام وإنما هو يوسف بن إفرائيم بن يوسف ابن يعقوب وهو غريب. وأغرب منه القول بأنه كان من الجن رسولا إليهم. وقال الشهاب: قد يقال إنما ذكر الأعم في النظم الكريم لأن بعض من دخل في عموم آبائهم وذرياتهم ليسوا برسل فَإِنْ يَكْفُرْ بِها أي بهذه الثلاثة أو بالنبوة الجامعة للباقين هؤُلاءِ أي أهل مكة كما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وقتادة مع دلالة الإشارة والمقام على ما قيل. وقيل: المراد بهم الكفار الذين جحدوا بنبوته صلّى الله عليه وسلّم مطلقا، وأيّا ما كان فكفرهم برسول الله صلّى الله عليه وسلّم وما أنزل عليه من القرآن يستلزم كفرهم مما يصدقه جميعا. وتقديم الجار والمجرور على الفاعل لما مر غيره مرة فَقَدْ وَكَّلْنا بِها أي أمرنا برعايتها ووفقنا للإيمان بها والقيام بحقوقها قَوْماً فخاما لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ في وقت من الأوقات بل مستمرون على الإيمان بها، والمراد بهم على ما أخرج ابن جرير وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>