والصغار لوجود صفات نفوسكم وهيئاتها المظلمة وتكاثف حجب أنانيتكم وتفرعنكم وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى أي منفردين مجردين عن كل شيء بالاستغراق في عين جمع الذات كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ عند أخذ الميثاق.
إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ أي حبة القلب بنور الروح عن العلوم والمعارف وَالنَّوى أي نوى النفس بنور القلب عن الأخلاق والمكارم أو فالق حبة المحبة الأزلية في قلوب المحبين والصديقين ونوى شجر أنوار الأزل في فؤاد العارفين فتثمر بالأعمال الزكية والمقامات الشريفة والحالات الرفيعة يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ أي العالم به من الجاهل وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ أي الجاهل به من العالم أو يخرج حي القلب عن ميت النفس تارة باستيلاء نور الروح عليها ومخرج ميت النفس عن حي القلب أخرى بإقباله عليها واستيلاء الهوى وصفات النفس عليه فالِقُ الْإِصْباحِ أي مظهر أنوار صفاته على صفحات آفاق مخلوقاته أو شاق ظلمة الإصباح بنور الإصباح وذلك لأن بحر العدم كان مملوءا من الظلمة فشقه بأن أجرى فيه جدولا من نوره حتى بلغ السيل الربى وقال الإمام فالق ظلمة العدم بصباح التكوين والإيجاد وفالق ظلمة الجمادية بصباح الحياة والعقل والرشاد وفالق ظلمة الجهالة بصباح الإدراك وفالق ظلمة العالم الجسماني بتخليص النفس القدسية إلى فسحة عالم الأفلاك وفالق ظلمة الاشتغال بعالم الممكنات بصباح نور الاستغراق في معرفة مدبر المحدثات والمبدعات، وقال بعض العارفين المعنى فالق ظلمة صفات النفس عن القلب بإصباح نور شمس الروح وإشراقه عليها وجاعل الليل أي ليل الحيرة في الذات البحت سَكَناً تسكن إليه أرواح العاشقين كما قال قائلهم:
أو جاعل ظلمة النفس سكن القلب يسكن إليها أحيانا للارتفاق والاسترواح أو سكنا تسكن فيه القوى البدنية وتستقر عن الاضطراب كما قيل وَالشَّمْسَ أي شمس تجلي الصفات وَالْقَمَرَ أي قمر تجلي الأفعال «حسبانا» أي على حساب الأحوال حيث يعتبر بهما أو شمس الروح وقمر القلب محسوبين في عداد الموجودات الباقية الشريفة معتدا بهما. أو علمي حساب الأوقات والأحوال وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ أي المرشدين أو بحوم الحواس لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وهو علم الآداب وَالْبَحْرِ وهو علم الحقائق أو المعنى لتهتدوا بها في ظلمات بر الأجساد إلى مصالح المعاش وبحر العلوم باكتسابها بها وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ أي أظهركم مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وهي النفس الكلية فَمُسْتَقَرٌّ في أرض البدن حال الظهور وَمُسْتَوْدَعٌ في عين جمع الذات وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً أي من سماء الروح ماء العلم فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ أي كل صنف من الأخلاق والفضائل فَأَخْرَجْنا مِنْهُ أي النبات خَضِراً زينة النفس وبهجة لها نُخْرِجُ مِنْهُ أي الخضر حَبًّا مُتَراكِباً أي أعمالا مترتبة شريفة ونيات صادقة يتقوى القلب بها وَمِنَ النَّخْلِ أي نخل العقل مِنْ طَلْعِها أي من ظهور تعلقها قِنْوانٌ معارف وحقائق دانِيَةٌ قريبة التناول لظهورها بنور الروح كأنها بديهية وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ وهي أعناب الأحوال والأذواق ومنها تعتصر سلافة المحبة
وفي سكرة منها ولو عمر ساعة ... ترى الدهر عبدا طائعا ولك الحكم
وَالزَّيْتُونَ أي زيتون التفكر وَالرُّمَّانَ أي رمان الهمم الشريفة والعزائم النفيسة مُشْتَبِهاً كما في أفراد نوع واحد وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ كنوعين وفردين منهما مثلا انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ أي راعوه بالمراقبة عند السلوك وبدء الحال وَيَنْعِهِ وهو كماله عند الوصول بالحضور وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ أي جن الوهم والخيال حيث أطاعوهم وانقادوا لهم وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا افتروا لَهُ بَنِينَ من العقول وَبَناتٍ من النفوس