مستهجن، ونحو حائض من الصفات المختصة لا يحتاج إلى العلامة لأنها لدفع اللبس ولا لبس مع الاختصاص وسيبويه وإن كان جوادا في مثل هذا المضمار إلا أن الجواد قد يكبو. وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك. ألا تراه كيف جوز في باب الصفة المشبهة مررت برجل حسن وجهه بإضافة حسن إلى الوجه وإضافة الوجه إلى ضمير الرجل وخالفه في ذلك جميع البصريين والكوفيين لأنه قد أضاف الشيء إلى نفسه وقد علمت أيضا أن الأصل عدم الحذف. الرابع أن العرب تعطي المضاف حكم المضاف إليه في التذكير والتأنيث إذا صح الاستغناء عنه وهو أمر مشهور فالرحمة لإضافتها إلى الاسم الجليل قد اكتسبت ما صحح الأخبار عنها بالمذكر. وتعقبه أبو علي الفارسي في تعاليقه على الكتاب بأن هذا التقدير والتأويل في القرآن بعيد فاسد وإنما يجوز هذا في ضرورة الشعر. وقال الروذراوري: أن اكتساب التأنيث في المؤنث قد صح بكلام من يوثق به. وأما العكس فيحتاج إلى الشواهد. ومن ادعى الجواز فعليه البيان.
الخامس أن فعيلا بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث كرجل جريح وامرأة جريح. وتعقب بأنه خطأ فاحش لأن فعيلا هنا بمعنى فاعل. واعترض أيضا بأن هذا لا ينقاس خصوصا من غير الثاني. السادس أن فعيلا بمعنى فاعل قد يشبه بفعيل بمعنى مفعول فيمنع من التاء في المؤنث كما قد يشبهون فعيلا بمعنى مفعول بفعيل بمعنى فاعل فيلحقونه التاء.
فالأول كقوله تعالى: مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ [يس: ٧٨] ومنه الآية الكريمة. والثاني كقولهم: خصلة ذميمة، وصفة حميدة حملا على قولهم: قبيحة وجميلة ولم يتعقب هذا بشيء. وتعقبه الروذراوري بأنه مجرد دعوى لا دليل عليه وإن قاله النحويون. ويرد عليه أن أحد الفعلين مشتق من لازم والآخر من متعد فلو أجري على أحدهما حكم الآخر لبطل الفرق بين المتعدي واللازم إن كان على وجه العموم وإن كان على وجه الخصوص فأين الدليل عليه. وفيه نظر.
السابع أن العرب قد تخبر عن المضاف إليه وتترك المضاف كقوله تعالى: فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ [الشعراء:
٤] فإن خاضِعِينَ خبر عن الضمير المضاف إليه الأعناق لا عن الأعناق. ألا ترى أنك إذا قلت: الأعناق خاضعون لا يجوز لأن الجمع المذكر السالم إنما يكون من صفات العقلاء فلا يقال أيد طويلون ولا كلاب نابحون. وتعقب بأنه لعل هذا راجع إلى القول بالزيادة وقد علمت ما فيه. وقد قيل: إن المراد بالأعناق الرؤساء والمعظمون. وقيل: الجماعة كما يقال: جاء زيد في عنق من الناس أي في جماعة. وقال الروذراوري: إنه لو ساغ الإعراض عن المضاف والحكم على المضاف إليه لساغ أن يقال: كان صاحب الدرع سابغة. ومالك الدار متسعة وليس فليس. الثامن أن الرحمة والرحم متقاربان لفظا وهو واضح المعنى بدليل النقل عن أئمة اللغة فأعطى أحدهما حكم الآخر. وتعقب بأنه ليس بشيء، لأن الوعظ والموعظة تتقارب أيضا فينبغي أن يجيز هذا القائل أن يقال: موعظة نافع، وعظة حسن. وكذلك الذكر والذكرى فينبغي أن يقال: ذكرى نافع كما يقال: ذكر نافع. التاسع أن فعيلا هنا بمعنى النسب فقريب معناه ذات قرب كما يقول الخليل في حائض: إنه بمعنى ذات حيض. وتعقب بأنه باطل لأن اشتمال الصفات على معنى النسب مقصور على أوزان خاصة. وهي فعال، وفعل، وفاعل.
العاشر: ما قاله الروذراوري: أن فعيلا مطلقا يشترك فيه المؤنث والمذكر. وتعقب بأنه من أفسد ما قيل لأنه خلاف الواقع من كلام العرب فإنهم يقولون: امرأة ظريفة، وعليمة، وحليمة، ورحيمة. ولا يجوز التذكير في شيء من ذلك. ولهذا قال أبو عثمان المازني في قوله تعالى: وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا [مريم: ٢٨] أن بَغِيًّا فعول والأصل بغوي ثم قلبت الواو ياء والضمة كسرة وأدغمت الياء في الياء، وأما قوله:
فتور القيام قطيع الكلام ... تفتر عن در عروب حصر
فالجواب عنه من أوجه: أحدها أنه نادر. الثاني أن أصله قطيعة ثم حذف التاء للإضافة كقوله تعالى: وَأَقامَ