للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمؤمنين يقول: هو طيب وعمله طيب والذي خبث إلخ مثل للكافر يقول: هو خبيث وعمله خبيث.

وأخرج ابن جرير عن مجاهد أن هذا مثل ضربه الله تعالى لآدم عليه السلام وذريته كلهم إنما خلقوا من نفس واحدة فمنهم من آمن بالله تعالى وكتابه فطاب ومنهم من كفر بالله تعالى وكتابه فخبث.

أخرج أحمد، والشيخان، والنسائي عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «مثل ما بعثني الله تعالى به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله تعالى بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا وأصاب منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله تعالى ونفعه ما بعثني الله تعالى به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله تعالى الذي أرسلت به»

وإيثار خصوص التمثيل بالأرض الطيبة والخبيثة استطراد عقيب ذكر المطر وإنزاله بالبلد وموازنة بين الرحمتين كما في الكشف، ولقربه من الاعتراض جيء بالواو في قوله سبحانه وتعالى:

وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ وفيه إشارة إلى معنى ما

ورد في صحيح مسلم عن عياض المجاشعي رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال في خطبته عن الله عز وجل: «إني خلقت عبادي حنفاء كلهم وأنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم» .

وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه»

ووجه الإشارة قد مرت الإشارة إليه، ثم إنه سبحانه وتعالى عقب ذلك بما يحققه ويقرره من قصص الأمم الخالية والقرون الماضية. وفي ذلك أيضا تسلية لرسوله عليه الصلاة والسلام فقال جل شأنه:

لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ وهو جواب قسم محذوف أي والله لقد أرسلنا إلخ، واطّرد استعمال هذه اللام مع قد في الماضي- على ما قال الزمخشري- وقل الاكتفاء بها وحدها نحو قوله:

حلفت لها بالله حلفة فاجر ... لناموا فما إن من حديث ولا صالي

والسر في ذلك أن الجملة القسمية لا تساق إلا تأكيدا للجملة المقسم عليها التي هي جوابها فكانت مظنة لتوقع المخاطب حصول المقسم عليه لأن القسم دل على الاهتمام فناسب ذلك إدخال قد، ونقل عن النحاة أنهم قالوا: إذا كان جواب القسم ماضيا مثبتا متصرفا فإما أن يكون قريبا من الحال فيؤتى بقد وإلا أثبت باللام وحدها فجوزوا الوجهين باعتبارين، ولم يؤت هنا بعاطف وأتي به في هود والمؤمنين. على ما قال الكرماني. لتقدم ذكر نوح صريحا في هود وضمنا في المؤمنين حيث ذكر فيها قبل عَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ

[المؤمنون: ٢٢] وهو عليه السلام أول من صنعها بخلاف ما هنا. ونوح بن لمك بفتحتين. وقيل: بفتح فسكون، وقيل: ملكان بميم مفتوحة ولام ساكنة ونون آخره. قيل: لامك كمهاجر بن متوشلخ بضم الميم وفتح التاء الفوقية والواو وسكون الشين المعجمة على وزن المفعول كما ضبطه غير واحد. وقيل: بفتح الميم وضم المثناة الفوقية المشددة وسكون الواو ولام مفتوحة وخاء معجمة- ابن- أخنوخ بهمزة مفتوحة أوله وخاء معجمة ساكنة ونون مضمومة وواو ساكنة وخاء أيضا، ومعناه في تلك اللغة على ما قيل القراء. وقيل: خنوخ بإسقاط الهمزة. وهو إدريس عليه السلام. أخرج ابن إسحاق. وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: بعث نوح عليه السلام في الألف الثاني وإن آدم عليه السلام لم يمت حتى ولد له نوح في آخر الألف الأول. وأخرجا عن مقاتل وجوبير أن آدم عليه السلام حين كبر ودق عظمه قال: يا رب إلى متى أكد وأسعى؟ قال يا آدم حتى يولد لك ولد مختون فولد له نوح بعد عشر أبطن. وهو يومئذ ابن ألف سنة إلا ستين عاما. وبعث على ما روي عن ابن عباس على رأس أربعمائة سنة، وقال مقاتل: وهو ابن مائة سنة. وقيل: وهو ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>