للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي سيدهم ومالك أمرهم حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ جواب لتكذيبه عليه السلام المدلول عليه بقوله سبحانه: فَظَلَمُوا بِها، وحقيق صفة رسول أو خبر بعد خبر.

وقيل: خبر مبتدأ محذوف أي أنا حقيق وهو بمعنى جدير وعَلى بمعنى الباء كما قال الفراء أو بمعنى حريص (١) وعَلى على ظاهرها، قال أبو عبيدة: أو بمعنى واجب، واستشكل بأن قول الحق هو الواجب على موسى عليه السلام لا العكس والكلام ظاهر فيه، وأجيب بأن أصله «حقيق عليّ» بتشديد الياء كما في قراءة نافع.

ومجاهد أَنْ لا أَقُولَ إلخ فقلب لأمن الالتباس كما في قول خراش بن زهير:

كذبتم وبيت الله حتى تعالجوا ... قوادم حرب لا تلين ولا تمري

هي وطن آبائهم، وكان عدو الله تعالى والقبط قد استبعدوهم بعد انقراض الأسباط يستعملونهم ويكلفونهم الأفاعيل الشاقة كالبناء وحمل الماء فأنقذهم الله تعالى بموسى عليه السلام، وكان بين اليوم الذي دخل فيه يوسف عليه السلام مصر واليوم الذي دخل فيه موسى عليه السلام على ما روي عن وهب أربعمائة سنة، واستعمال الإرسال بما أشير إليه على ما يظهر من كلام الراغب حقيقة، وقيل: إنه استعارة من إرسال الطير من القفص تمثيلية أو تبعية، ولا يخفى أنه ساقط عن وكر القبول، والفاء لترتيب الإرسال أو الأمر به على ما قبله من رسالته عليه السلام ومجيئه بالبينة قالَ استئناف بياني كأنه قيل: فما قال فرعون؟ فقيل: قال:

إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ من عند من أرسلك كما تدعيه فَأْتِ بِها أي فأحضرها عندي ليثبت بها صدقك في دعواك، فالمغايرة بين الشرط والجزاء مما لا غبار عليه، ولعل الأمر غني عن التزام ذلك لحصوله بما لا أظنه يخفى عليك إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ في دعواك فإن كونك من جملة المعروفين بالصدق يقتضي إظهار الآية لا محالة فَأَلْقى عَصاهُ وكانت كما روى ابن المنذر. وابن أبي حاتم من عوسج.

وروي عن علي كرم الله تعالى وجهه أنها كانت من لوز.

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة أنه قال: ذكر لنا أنها عصا آدم عليه السلام أعطاها لموسى ملك حين توجه إلى مدين فكانت تضيء له بالليل ويضرب بها الأرض بالنهار فيخرج له رزقه ويهش بها على غنمه، والمشهور أنها كانت من آس الجنة وكانت لآدم عليه السلام ثم وصلت إلى شعيب فأعطاه إياها، وجاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن اسمها مأشا فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ أي حية ضخمة طويلة. وعن الفراء أن الثعبان هو الذكر العظيم من الحيات. وقال آخرون: إنه الحية مطلقا.

وفي مجمع البيان أنه مشتق من ثعب الماء إذا انفجر، فكأنه سمي بذلك لأنه يجري كعنق الماء إذا انفجر مُبِينٌ أي ظاهر أمره لا يشك في كونه ثعبانا فهو إشارة إلى أن الصيرورة حقيقية لا تخييلية، وإيثار الجملة الاسمية للدلالة على كمال سرعة الانقلاب وثبات وصف الثعبانية فيها كأنها في الأصل كذلك،

وروي عن ابن عباس.

والسدي أنه عليه السلام لما ألقاها صارت حية صفراء شعراء فاغرة فاها بين لحييها ثمانون ذراعا وارتفعت من الأرض بقدر ميل وقامت على ذنبها واضعة لحيها الأسفل في الأرض ولحيها الأعلى على سور القصر وتوجهت نحو فرعون لتأخذه فوثب عن سريره هاربا وأحدث، وفي بعض الروايات أنه أحدث في ذلك اليوم أربعمائة مرة، وفي أخرى أنه


(١) أي تضمينا اهـ منه

<<  <  ج: ص:  >  >>