للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيها خالِدُونَ

لعظم ما أتوا به وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ بمناسبة استعدادهم للشر وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ عقوبة أمثالهم وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ أنفسهم باكتساب الأمور الحاجبة لهم عن النور ولم ترسخ فيهم وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ لمن رسخت فيه وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لعمى بصائرهم عن مشاهدة الآيات الشاهدة بالنبوة لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ تشهد له صلى الله عليه وسلم بذلك إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ما عليك إلا إنذارهم لا هدايتهم وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ هو الله تعالى، وقيل: لكل طائفة شيخ يعرفهم طريق الحق اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى فيعلم ما تحمل أنثى النفس من ولد الكمال أي ما في قوة كل استعداد وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ أي تنقص أرحام الاستعداد بترك النفس وهواها وَما تَزْدادُ بالتزكية وبركة الصحبة وَكُلُّ شَيْءٍ من الكمالات عِنْدَهُ سبحانه بِمِقْدارٍ معين على حسب القابلية سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ في ممكن استعداده وَمَنْ جَهَرَ بِهِ بإبرازه إلى الفعل وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ ظلمة ظلمه نفسه وَسارِبٌ بِالنَّهارِ بخروجه من مقام النفس وذهابه في نهار نور الروح لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إشارة إلى سوابق الرحمة الحافظة له من خاطفات الغضب أو الإمدادات الملكوتية الحافظة له من جنب القوى الخيالية والوهمية والسبعية والبهيمية وإهلاكها إياه إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ من النعم الظاهرة أو الباطنة حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ من الاستعداد وقوة القبول قال النصرابادي: إن هذا الحكم عام لكن مناقشة الخواص فوق مناقشة العوام، وعن بعض السلف أنه قال: إن الفأرة مزقت خفي وما أعلم ذلك إلا بذنب أحدثته وإلا لما سلطها علي وتمثل بقول الشاعر:

لو كنت من مازن لم تستبح إبلي ... بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا

وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ إذ الكل تحت قهره سبحانه، قال القاسم: إذا أراد الله تعالى هلاك قوم حسن موارده في أعينهم حتى يمشون إليها بتدبيرهم وأرجلهم، ولله تعالى در من قال:

إذا لم يكن عون من الله للفتى ... فأول ما يجني عليه اجتهاده

هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ أي برق لوامع الأنوار القدسية خَوْفاً خائفين من سرعة انقضائه أو بطء رجوعه وَطَمَعاً طامعين في ثباته أو سرعة رجوعه وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ بماء العلم والمعرفة، وقيل: يرى المحبين برق المكاشفة وينشئ للعارفين سحاب العظمة الثقال بماء الهيبة فيمطر عليهم ما يحييهم به الحياة التي لا تشبهها حياة، وأنشدوا للشبلي:

أظلت علينا منك يوما غمامة ... أضاءت لنا برقا وأبطا رشاشها

فلا غيمها يصحو فييأس طامع ... ولا غيثها يأتي فيروي عطاشها

وعن بعضهم أن البرق إشارة إلى التجليات البرقية التي تحصل لأرباب الأحوال وأشهر التجليات في تشبيهه بالبرق التجلي الذاتي، وأنشدوا:

ما كان ما أوليت من وصلنا ... إلا سراجا لاح ثم انطفى

وذكر الإمام الرباني قدس سره في المكتوبات أن التجلي الذاتي دائمي للكاملين من أهل الطريقة النقشبندية لا يرقى وأطال الكلام في ذلك مخالفا لكبار السادة الصوفية كالشيخ محيي الدين قدس سره. وغيره، والحق أن ما ذكره من التجلي الذاتي ليس هو الذي ذكروا أنه برقي كما لا يخفى على من راجع كلامه وكلامهم وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ أي رعد سطوة التجليات الجلالية ويمجد الله تعالى عما يتصوره العقل ملتبسا بِحَمْدِهِ وإثبات ما ينبغي له عز شأنه وَالْمَلائِكَةُ وتسبح ملائكة القوى الروحانية مِنْ خِيفَتِهِ من هيبة جلاله جل جلاله وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ هي

<<  <  ج: ص:  >  >>