وطرفه الآخر تحت رأسه.
وفي صحيح مسلم فأتيا جزيرة فوجد الخضر قائما يصلي على طنفسة خضراء على كبد البحر
،
وقال الثعلبي: انتهيا إليه وهو نائم على طنفسة خضراء على وجه الماء وهو مسجى بثوب أخضر
. وقيل إن سبيل الحوت عاد حجرا فلما جاءا إليه مشيا عليه حتى وصلا إلى جزيرة فيها الخضر،
وصح أنهما لما انتهيا إليه سلم موسى فقال الخضر: وإني بأرضك السلام. فقال: أنا موسى. فقال: موسى بني إسرائيل قال: نعم،
وروي أنه لما سلم عليه وهو مسجى عرفه أنه موسى فرفع رأسه فاستوى جالسا وقال: وعليك السلام يا نبي بني إسرائيل فقال موسى: وما أدراك بي ومن أخبرك أني نبي بني إسرائيل؟ فقال: الذي أدراك بي ودلك عليّ ثم قال: يا موسى أما يكفيك أن التوراة بيدك وأن الوحي يأتيك؟ قال موسى: إن ربي أرسلني إليك لأتبعك وأتعلم من علمك
، والتنوين في عَبْداً للتفخيم والإضافة في عِبادِنا للتشريف والاختصاص أي عبدا جليل الشأن ممن اختص بنا وشرف بالإضافة إلينا.
آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا قيل المراد بها الرزق الحلال والعيش الرغد، وقيل العزلة عن الناس وعدم الاحتياج إليهم وقيل طول الحياة مع سلامة البنية، والجمهور على أنها الوحي والنبوة وقد أطلقت على ذلك في مواضع من القرآن، وأخرج ذلك ابن أبي حاتم عن ابن عباس، وهذا قول من يقول بنبوته عليه السلام وفيه أقوال ثلاثة، فالجمهور على أنه عليه السلام نبي وليس برسول، وقيل هو رسول، وقيل هو ولي وعليه القشيري وجماعة، والمنصور ما عليه الجمهور. وشواهده من الآيات والأخبار كثيرة وبمجموعها يكاد يحصل اليقين، وكما وقع الخلاف في نبوته وقع الخلاف في حياته اليوم فذهب جمع إلى أنه ليس بحي اليوم،
وسئل البخاري عنه وعن الياس عليهما السلام هل هما حيان؟ فقال: كيف يكون هذا وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم أي قبل وفاته بقليل لا يبقى على رأس المائة ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد
، والذي
في صحيح مسلم عن جابر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبل موته ما من نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة وهي يومئذ حية
وهذا أبعد عن التأويل، وسئل عن ذلك غيره من الأئمة فقرأ وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ [الأنبياء: ٣٤] . وسئل عنه شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: لو كان الخضر حيا لوجب عليه أن يأتي إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم ويجاهد بين يديه ويتعلم منه.
وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم يوم بدر اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض
فكانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا معروفين بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم فأين كان الخضر حينئذ؟.
وسئل إبراهيم الحربي عن بقائه فقال: من أحال على غائب لم ينتصف منه وما ألقى هذا بين الناس إلا الشيطان.
ونقل في البحر عن شرف الدين أبي عبد الله محمد بن أبي الفضل المرسي
القول بموته أيضا. ونقله ابن الجوزي عن علي بن موسى الرضا رضي الله تعالى عنهما أيضا
. وكذا عن إبراهيم بن إسحاق الحربي، وقال أيضا: كان أبو الحسين بن المنادي يقبح قول من يقول إنه حي.
وحكى القاضي أبو يعلى موته عن بعض أصحاب محمد وكيف يعقل وجود الخضر ولا يصلي مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الجمعة والجماعة ولا يشهد معه الجهاد مع
قوله عليه الصلاة والسلام «والذي نفسي بيده لو كان موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني»
وقوله عز وجل وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ
[آل عمران: ٨١] وثبوت أن عيسى عليه السلام إذا نزل إلى الأرض يصلي خلف إمام هذه الأمة ولا يتقدم عليه في مبدأ الأمر، وما أبعد فهم من يثبت وجود الخضر عليه السلام وينسى ما في طي إثباته من الإعراض عن هذه الشريعة ثم قال:
وعندنا من المعقول وجوه على عدم حياته، أحدها أن الذي قال بحياته قال: إنه ابن آدم عليه السلام لصلبه وهذا فاسد لوجهين، الأول أنه يلزم أن يكون عمره اليوم ستة آلاف سنة أو أكثر ومثل هذا بعيد في العادات في حق البشر. والثاني