ونقل بعض أهل أصول الفقه عن أبي بكر محمد بن داود الأصبهاني أنه ينكر وقوع المجاز في القرآن فيؤول الآية بأن الضمير في يريد للخضر أو لموسى عليهما السلام، وجوز أن يكون الفاعل الجدار وأن الله تعالى خلق فيه حياة وإرادة والكل تكلف وتعسف تغسل به بلاغة الكلام.
وقال أبو حيان: لعل النقل لا يصح عن الرجل وكيف يقول ذلك وهو أحد الأدباء الشعراء الفحول المجيدين في النظم والنثر، وقرأ أبي «ينقض» بضم الياء وفتح القاف والضاد مبنيا للمفعول، وفي حرف عبد الله وقراءة الأعمش «يريد لينقض» كذلك إلا أنه منصوب بأن المقدرة بعد اللام
وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه وعكرمة وخليد بن سعد ويحيى ابن يعمر «ينقاص» بالصاد المهملة مع الألف
ووزنه ينفعل اللازم من قصته فانقاص إذا كسرته فانكسر، وقال ابن خالويه:
تقول العرب: انقاصت السن إذا انشقت طولا، قال ذو الرمة يصف ثور وحش:
يغشى الكناس بروقيه ويهدمه ... من هائل الرمل منقاص ومنكثب
وفي الصحاح قيص السن سقوطها من أصلها وأنشد قول أبي ذؤيب:
فراق كقيص السن فالصبر إنه ... لكل أناس عثرة وحبور
وقال الأموي: انقاصت البر انهارت، وقال الأصمعي: المنقاص المنقعر والمنقاض بالضاد المعجمة المنشق طولا، وقال أبو عمرو: هما بمعنى واحد. وقرأ الزهري «ينقاض» بألف وضاد معجمة، والمشهور تفسيره بينهدم.
وذكر أبو علي أن المشهور عن الزهري أنه ينقاص بالمهملة فَأَقامَهُ مسحه بيده فقام كما روي عن ابن عباس وابن جبير، وقال القرطبي إنه هو الصحيح وهو أشبه بأحوال الأنبياء عليهم السلام واعترض بأنه غير ملائم لما بعد إذ لا يستحق بمثله الأجر، ورد بأن عدم استحقاق الأجر مع حصول الغرض غير مسلم ولا يضره سهولته على الفاعل، وقيل: أقامه بعمود عمده به، وقال مقاتل: سواه بالشيد، وقيل هدمه وقعد يبنيه.
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن أبي بن كعب عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قرأ «فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فهدمه ثم قعد يبنيه»
وكان طول هذا الجدار إلى السماء على ما نقل النووي عن وهب بن منبه مائة ذراع، ونقل السفيري عن الثعلبي أنه كان سمكه مائتي ذراع بذراع تلك القرية وكان طوله على وجه الأرض خمسمائة ذراع وكان عرضه خمسين ذراعا وكان الناس يمرون تحته على خوف منه قالَ موسى عليه السلام لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً تحريضا للخضر عليه السّلام وحثا على أخذ الجعل والأجرة على ما فعله ليحصل لهما بذلك الانتعاش والتقوى بالمعاش فهو سؤال له لم لم يأخذ الأجرة واعتراض على ترك الأخذ فالمراد لازم فائدة الخبر إذ لا فائدة في الإخبار بفعله، وقيل: لم يقل ذلك حثا وإنما قاله تعريضا بأن فعله ذلك فضول وتبرع بما لم يطلب منه من غير فائدة ولا استحقاق لمن فعل له مع كمال الاحتياج إلى خلافه، وكان الكليم عليه السّلام لما رأى الحرمان ومساس الحاجة والاشتغال بما لا يعني لم يتمالك الصبر فاعترض، واتخذ افتعل فالتاء الأولى أصلية والثانية تاء الافتعال أدغمت فيها الأولى ومادته تخذ لا أخذ وإن كان بمعناه لأن فاء الكلمة لا تبدل إذا كانت همزة أو ياء مبدلة منها، ولذا قيل إن ايتزر خطأ أو شاذ وهذا شائع في فصيح الكلام، وأيضا إبدالها في الافتعال لو سلم لم يكن لقولهم تخذ وجه وهذا مذهب البصريين، وقال غيرهم: إنه الاتخاذ افتعال من الأخذ ولا يسلم ما تقدم، ويقول: المدة العارضة تبدل تاء أيضا، ولكثرة استعماله هنا أجروه مجرى الأصلي وقالوا تخذ ثلاثيا جريا عليه وهذا كما قالوا: تقى من اتقى.
وقرأ عبد الله والحسن وقتادة وأبو بحرية وابن محيصن وحميد واليزيدي ويعقوب وأبو حاتم وابن كثير وأبو