الضمير حينئذ ظاهر، وقيل: في الكلام مبتدأ محذوف أي فهم يتعلمون فتكون جملة ابتدائية معطوفة على ما قبلها من عطف الاسمية على الفعلية- ونسب ذلك إلى سيبويه- وليس بالجيد، وضمير مِنْهُما عائد على الملكين، ومن النَّاسَ من جعله عائدا إلى السحر والكفر أو الفتنة والسحر، وعطف يَتَعَلَّمُونَ على يُعَلِّمُونَ وحمل ما يعلمان على النفي، وحَتَّى يَقُولا على التأكيد له أي لا يعلمان السحر لأحد بل ينهيانه حَتَّى يَقُولا إلخ فهو كقولك:
ما أمرته بكذا حتى قلت له إن فعلت نالك كذا وكذا، وجعل- ما أنزل- أيضا نفيا معطوفا على- ما كفر- وهو كما ترى ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ أي الذي أو شيئا يفرقون به وهو السحر المزيل بطريق السببية الألفة والمحبة بين الزوجين الموقع للبغضاء والشحناء الموجبتين للتفريق بينهما وقيل: المراد ما يفرق لكونه كفرا لأنه إذا تعلم كفر فبانت زوجته أو إذا تعلم عمل فتراه الناس فيعتقدون أنه حق فيكفرون فتبين أزواجهم، والمرء- الرجل، والأفصح فتح الميم مطلقا، وحكي الضم مطلقا، وحكي الإتباع لحركة الاعراب، ومؤنثه المرأة، وقد جاء جمعه بالواو والنون فقالوا: المرءون، والزوج امرأة الرجل، وقيل: المراد به هنا القريب والأخ الملائم، ومنه مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ [الحج: ٥، ق: ٧] واحْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ [الصافات: ٢٢] وقرأ الحسن والزهري وقتادة «المر» بغير همز مخففا، وابن أبي إسحاق- «المرء» - بضم الميم مع الهمز، والأشهب بالكسر والهمز، ورويت عن الحسن، وقرأ الزهري أيضا- «المر» - بالفتح وإسقاط الهمزة وتشديد الراء وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ الضمير للسحرة الذين عاد إليهم ضمير فَيَتَعَلَّمُونَ وقيل: لليهود الذين عاد إليهم ضمير وَاتَّبَعُوا وقيل- للشياطين- وضمير به عائد لما، ومِنْ زائدة لاستغراق النفي كأنه قيل: وما يضرون به أحدا، وقرأ الأعمش- بضاري- محذوف النون، وخرج على أنها حذفت تخفيفا وإن كان اسم الفاعل ليس صلة- لأل- فقد نص ابن مالك على عدم الاشتراط لقوله:
ولسنا إذا تأتون سلمى بمدعي ... لكم غير أنا إن نسالم نسالم
وقولهم: قطا قطا بيضك ثنتا وبيضي مائتا، وقيل: إنها حذفت للإضافة إلى محذوف مقدر لفظا على حد قوله: يا تيم تيم عدي في أحد الوجوه، وقيل: للاضافة إلى أَحَدٍ على جعل الجار جزءا منه والفصل بالظرف مسموع كما في قوله:
هما أخوا في الحرب من لا أخا له ... وإن خاف يوما كبوة فدعاهما
واختار ذلك الزمخشري، وفيه أن جعل الجار جزء من المجرور ليس بشيء لأنه مؤثر فيه، وجزء الشيء لا يؤثر فيه، وأيضا الفصل بين المتضايفين بالظرف وإن سمع من ضرائر الشعر كما صرح به أبو حيان ولظن تعين هذا مخرجا قال ابن جني: إن هذه القراءة أبعد الشواذ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ استثناء مفرغ من الأحوال والباء متعلقة بمحذوف وقع حالا من ضمير- ضارين- أو من مفعوله المعتمد على النفي أو الضمير المجرور في بِهِ أو المصدر المفهوم من الوصف، والمراد من الإذن هنا التخلية بين المسحور وضرر السحر- قاله الحسن- وفيه دليل على أن فيه ضررا مودعا إذا شاء الله تعالى حال بينه وبينه، وإذا شاء خلاه وما أودعه فيه، وهذا مذهب السلف في سائر الأسباب والمسببات، وقيل: الإذن بمعنى الأمر ويتجوز به عن التكوين بعلاقة ترتب الوجود على كل منهما في الجملة، والقرينة عدم كون القبائح مأمورا بها ففيه نفي كون الأسباب مؤثرة بنفسها بل بجعله إياها أسبابا إما عادية أو حقيقية، وقيل: إنه هنا بمعنى العلم، وليس فيه إشارة إلى نفي التأثير بالذات كالوجهين الأولين.
وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ لأنهم يقصدون به العمل قصدا جازما وقصد المعصية كذلك معصية أو لأن العلم يدعو إلى العمل ويجر إليه لا سيما عمل الشر الذي هو هوى النفس، فصيغة المضارع للحال على الأول وللاستقبال