للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسلم- وهذا قول الزجاج- وليس بالقوي لجواز حمل الذي على ما لا يجوز عليه ذلك من أنواع الوحي، وقال أبو علي: المراد لم نذهب بالجميع، وعلى التقديرين لا ينافي الاستثناء، وسبحان من لا ينسى، وفسر بعضهم- النسخ- بإزالة الحكم سواء ثبت اللفظ أو لا- والإنساء- بإزالة اللفظ ثبت حكمه أو لا، وفسر بعض آخر «الأول» بالإذهاب إلى بدل للحكم السابق «والثاني» بالإذهاب لا إلى بدل، وأورد على كلا الوجهين أن تخصيص- النسخ- بهذا المعنى مخالف للغة والاصطلاح، وأن- الإنساء حقيقة في الإذهاب عن القلوب، والحمل على المجاز- بدون تعذر الحقيقة- تعسف، ولعل ما يتمسك به لصحة هذين التفسيرين من الرواية عن بعض الأكابر لم يثبت، وما شرطية جازمة ل نَنْسَخْ منتصبة به على المفعولية، ولا تنافي بين كونها عاملة ومعمولة لاختلاف الجهة، فبتضمنها الشرط عاملة، وبكونها اسما معمولة- ويقدر لنفسها جازم- وإلا لزم توارد العاملين على معمول واحد، وتدل على جواز وقوع ما بعدها، إذ الأصل فيها أن تدخل على الأمور المحتملة، واتفقت أهل الشرائع على جواز النسخ ووقوعه وخالفت اليهود غير العيسوية في جوازه وقالوا: يمتنع عقلا، وأبو مسلم الأصفهاني في وقوعه فقال: إنه وإن جاز عقلا لكنه لم يقع- وتحقيق ذلك في الأصول، ومِنْ آيَةٍ في موضع النصب على التمييز والمميز ما أي أي شيء نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ واحتمال زيادة مِنْ وجعل آيَةٍ حالا- ليس بشيء- كاحتمال كون ما مصدرية شرطية وآيَةٍ مفعولا به أي أي نسخ «ننسخ آية» بل هذا الاحتمال أدهى وأمر- كما لا يخفى- والضمير المنصوب عائد إلى آيَةٍ على حد: عندي درهم ونصفه، لأن المنسوخ غير المنسي، وتخصيص- الآية- بالذكر باعتبار الغالب، وإلا فالحكم غير مختص بها، بل جار فيما دونها أيضا على ما قيل. وقرأ طائفة وابن عامر من السبعة «ننسخ» من باب الإفعال- والهمزة- كما قال أبو علي: للوجدان على صفة نحو أحمدته- أي وجدته محمودا- فالمعنى ما نجده منسوخا وليس نجده كذلك إلا بأن ننسخه، فتتفق القراءتان في المعنى- وإن اختلفا في اللفظ- وجوّز ابن عطية كون- الهمزة- للتعدية، فالفعل حينئذ متعد إلى مفعولين، والتقدير ما ننسخك مِنْ آيَةٍ أي ما نبيح لك نسخه، كأنه لما نسخها الله تعالى أباح لنبيه صلى الله تعالى عليه وسلم تركها بذلك النسخ فسمى تلك الإباحة إنساخا، وجعل بعضهم- الإنساخ- عبارة عن الأمر بالنسخ والمأمور هو النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، أو جبرائيل عليه السلام، واحتمال أن يكون من نسخ الكتاب، أي ما نكتب وننزل من اللوح المحفوظ، أو ما نؤخر فيه ونترك فلا ننزله، والضميران الآتيان بعد عائدان على ما عاد إليه ضمير نُنْسِها ناشىء عن الذهول عن قاعدة أن اسم الشرط لا بد في جوابه من عائد عليه. وقرأ عمر وابن عباس والنخعي وأبو عمرو وابن كثير وكثير «ننسأها» - بفتح نون المضارعة والسين وسكون الهمزة- وطائفة كذلك إلا أنه- بالألف من غير همز- ولم يحذفها للجازم لأن أصلها- الهمزة- من- نسأ- بمعنى أخر، والمعنى في المشهور نؤخرها في اللوح المحفوظ فلا ننزلها أو نبعدها عن الذهن بحيث لا يتذكر معناها ولا لفظها، وهو معنى نُنْسِها

فتتحد القراءتان، وقيل: ولعله ألطف: إن المعنى نؤخر إنزالها، وهو في شأن الناسخة حيث أخر ذلك مدة بقاء المنسوخة فالمأتية حينئذ عبارة عن المنسوخة كما أنه حين النسخ عبارة عن الناسخة فمعنى الآية عليه أن رفع المنسوخة بإنزال الناسخة وتأخير الناسخة بإنزال المنسوخة كل منهما يتضمن المصلحة في وقته، وقرأ الضحاك وأبو الرجاء «ننسها» على صيغة المعلوم للمتكلم مع الغير من التنسية، والمفعول الأول محذوف يقال

: أنسانيه الله تعالى ونسانيه تنسية بمعنى أي ننس أحدا إياها، وقرأ الحسن وابن يعمر- «تنسها» - بفتح التاء من النسيان «ونسيت» إلى سعد بن أبي وقاص، وفرقة كذلك إلا أنهم همزوا، وأبو حيوة كذلك إلا أنه ضم التاء على أنه من الإنساء، وقرأ معبد مثله، ولم يهمز، وقرأ أبيّ- «ننسك» - بضم النون الأولى وكسر السين من غير همز وبكاف الخطاب. وفي مصحف سالم مولى أبي حذيفة- «ننسكها» - بإظهار المفعولين، وقرأ الأعمش- «ما ننسك من آية أو

<<  <  ج: ص:  >  >>