للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى حضرة الولي الكامل الشيخ أحمد الرفاعي قدس سره من الفسقة الذين كادوا يكونون لكثرة فسقهم كفارا فقيل إنه باب من السحر المختلف في كفر فاعله وقتله فإن لهم أسماء مجهولة المعنى يتلونها عند دخول النار والضرب بالسلاح ولا يبعد أن تكون كفرا وإن كان معها ما لا كفر فيه، وقد ذكر بعضهم أنهم يقولون عند ذلك تلسف تلسف هيف هيف أعوذ بكلمات الله تعالى التامة من شر ما خلق أقسمت عليك يا أيتها النار أو أيها السلاح بحق حي حلي ونور سبحي ومحمد صلّى الله عليه وسلّم أن لا تضري أو لا تضر غلام الطريقة، ولم يكن ذلك في زمن الشيخ الرفاعي قدس سره العزيز فقد كان أكثر الناس اتباعا للسنة وأشدهم تجنبا عن مظان البدعة وكان أصحابه سالكين مسلكه متشبثين بذيل اتباعه قدس سره ثم طرأ على بعض المنتسبين إليه ما طرأ، قال في العبر: قد كثر الزغل في أصحاب الشيخ قدس سره وتجددت لهم أحوال شيطانية منذ أخذت التتار العراق من دخول النيران وركوب السباع واللعب بالحيات وهذا ما لا يعرفه الشيخ ولا صلحاء أصحابه فنعوذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم انتهى.

والحق أن قراءة شيء ما عندهم ليست شرطا لعدم التأثر بالدخول في النار ونحوه فكثير منهم من ينادي إذا أوقدت له النار وضربت الدفوف يا شيخ أحمد يا رفاعي أو يا شيخ فلان لشيخ أخذ منه الطريق ويدخل النار ولا يتأثر من دون تلاوة شيء أصلا، والأكثر منهم إذا قرأ الأسماء على النار ولم تضرب له الدفوف ولم يحصل له تغير حال لم يقدر على مس جمرة، وقد يتفق أن يقرأ أحدهم الأسماء وتضرب له الدفوف وينادي من ينادي من المشايخ فيدخل ويتأثر.

والحاصل أنا لم نر لهم قاعدة مضبوطة بيد أن الأغلب أنهم إذا ضربت لهم الدفوف واستغاثوا بمشايخهم وعربدوا يفعلون ما يفعلون ولا يتأثرون، وقد رأيت منهم من يأخذ زرق الخمر ويستغيث بمن يستغيث ويدخل تنورا كبيرا تضطرم فيه النار فيقعد في النار فيشرب الخمر ويبقى حتى تخمد النار فيخرج ولم يحترق من ثيابه أو جسده شيء، وأقرب ما يقال في مثل ذلك: إنه استدراج وابتلاء، وأما أن يقال: إن الله عز وجل أكرم حضرة الشيخ أحمد الرفاعي قدس سره بعدم تأثر المنتسبين إليه كيفما كانوا بالنار ونحوها من السلاح وغيره إذا هتفوا باسمه أو اسم منتسب إليه في بعض الأحوال فبعيد بل كأني بك تقول بعدم جوازه، وقد يتفق ذلك لبعض المؤمنين في بعض الأحوال إعانة له، وقد يأخذ بعض الناس النار بيده ولا يتأثر لأجزاء يطلي بها يده من خاصيتها عدم إضرار النار للجسد إذا طلي بها فيوهم فاعل ذلك أنه كرامة.

هذا واستدل بالآية من قال: إن لله تعالى أودع في كل شيء خاصة حسبما اقتضته حكمته سبحانه فليس الفرق بين الماء والنار مثلا بمجرد أنه جرت عادة الله تعالى بأن يخلق الإحراق ونحوه عند النار والري ونحوه عند الماء بل أودع في هذا خاصة الري مثلا وفي تلك خاصة الإحراق مثلا لكن لا تحرق هذه ولا يروي ذاك إلا بإذنه عز وجل فإنه لو لم يكن أودع في النار الحرارة والإحراق ما قال لها ما قال. ولا قائل بالفرق فتأمل.

وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً مكرا عظيما في الإضرار به ومغلوبيته فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ أي أخسر من كل خاسر حيث عاد سعيهم في إطفاء نور الحق قولا وفعلا برهانا قاطعا على أنه عليه السلام على الحق وهم على الباطل وموجبا لارتفاع درجته عليه السلام واستحقاقهم لأشد العذاب، وقيل: جعلهم الأخسرين من حيث إنه سبحانه سلط عليهم ما هو من أحقر خلقه وأضعفه وهو البعوض يأكل من لحومهم ويشرب من دمائهم وسلط على نمروذ بعوضة أيضا فبقيت تؤذيه إلى أن مات لعنه الله تعالى، والمعول عليه التفسير الأول وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً وهو على ما تقدم ابن عمه، وقيل:

هو ابن أخيه وروي ذلك في المستدرك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وقد ضمن نَجَّيْناهُ معنى أخرجناه فلذا عدي بإلى في قوله سبحانه:

<<  <  ج: ص:  >  >>