ومن شعر فاطمة رضي الله تعالى عنها قالته يوم وفاة أبيها عليه الصلاة والسلام:
ماذا على من شم تربة أحمد أن لا يشم مدى الزمان غواليا صبت عليّ مصائب لو أنها صبت على الأيام صرن لياليا
ومن شعر العباس رضي الله تعالى عنه يوم حنين يفتخر بثبوته مع رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم:
ألا هل أتى عرسي مكري وموقفي ... بوادي حنين والأسنة تشرع
وقولي إذا ما النفس جاشت لها قرى ... وهام تدهدى والسواعد تقطع
وكيف رددت الخيل وهي مغيرة ... بزوراء تعطي باليدين وتمنع
نصرنا رسول الله في الحرب سبعة ... وقد فر من قد فر عنه فأقشعوا
ومن شعر ابنه عبد الله رضي الله تعالى عنهما:
إذا طارقات الهم ضاجعت الفتى ... وأعمل فكر الليل والليل عاكر
وباكرني في حاجة لم يجد لها ... سواي ولا من نكبة الدهر ناصر
فرجت بمالي همه من مقامه ... وزايله هم طروق مسامر
وكان له فضل عليّ بظنه ... بي الخير أني للذي ظن شاكر
وهلم جرا إلى حيث شئت، وليس من بني عبد المطلب كما قيل رجالا ولا نساء من لم يقل الشعر حاشا النبي صلى الله تعالى عليه وسلّم ليكون ذلك أبلغ في أمره عليه الصلاة والسلام، ولأجلة التابعين ومن بعدهم من أئمة الدين وفقهاء المسلمين شعر كثير أيضا، ومن ذلك قول الشافعي رضي الله تعالى عنه:
ومتعب العيس مرتاح إلى بلد ... والموت يطلبه في ذلك البلد
وضاحك والمنايا فوق هامته ... لو كان يعلم غيبا مات من كمد
من كان لم يؤت علما في بقاء غد ... فما (١) يفكر في رزق لبعد غد
والاستقصاء في هذا الباب يحتاج إلى إفراده بكتاب وفيما ذكر كفاية، وقد مدحه أيضا غير واحد من الأجلة فعن عمر رضي الله تعالى عنه أنه كتب إلى أبي موسى الأشعري مر من قبلك بتعلم الشعر فإنه يدل على معالي الأخلاق وصواب الرأي ومعرفة الأنساب، وعن علي كرّم الله تعالى وجهه الشعر ميزان العقول.
وكان ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يقول: إذا قرأتم شيئا من كتاب الله تعالى فلم تعرفوه فاطلبوه في أشعار العرب فإن الشعر ديوان العرب، وما
أخرجه أحمد وابن أبي شيبة عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه قال: بينما نحن نسير مع رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم إذ عرض شاعر ينشد فقال النبي صلّى الله تعالى عليه وسلم: «لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحا خير من أن يمتلىء شعرا»
حمله الشافعي عليه الرحمة على الشعر المشتمل على الفحش، وروي نحوه عن عائشة رضي الله تعالى عنها،
فقد أخرج الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس عن عائشة أنه بلغها أن أبا هريرة يروي عن رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم «لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلىء شعرا»
من الشعر الذي هجيت به يعني نفسه الشريفة عليه الصلاة والسلام ذكر ذلك المرشدي في فتاواه نقلا عن كتاب بستان
(١) في نسخة ماذا يفكر اهـ منه.