للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسلام محاصر بني قريظة فدفن في مقبرتهم التي يدفنون فيها اليوم واليه دفنوا موتاهم في الإسلام، وتمام الكلام فيما وقع في هذه الغزوة في كتب السير، وقوله تعالى: وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ عطف على قوله سبحانه وتعالى: أَنْزَلَ إلخ، والمراد بأرضهم مزارعهم، وتقدمت لكثرة المنفعة بها من النخل والزروع.

وفي قوله عزّ وجلّ: أَوْرَثَكُمْ إشعار بأنه انتقل إليهم ذلك بعد موت أولئك المقتولين وأن ملكهم إياه ملك قوي ليس بعقد الفسخ أو الإقالة وَدِيارَهُمْ أي حصونهم وَأَمْوالَهُمْ نقودهم ومواشيهم وأثاثهم التي اشتملت عليها أرضهم وديارهم.

أخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة من خبر طويل أن سعدا رضي الله تعالى عنه حكم بقتل مقاتلهم وسبي ذراريهم بأن أعقارهم للمهاجرين دون الأنصار فقال قومه: أتؤثر المهاجرين بالأعقار علينا؟ فقال: إنكم ذو أعقار وإن المهاجرين لا أعقار لهم، وأمضى رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم حكمه.

وفي الكشاف روي أن رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم جعل عقارهم للمهاجرين دون الأنصار فقالت الأنصار في ذلك فقال عليه الصلاة والسلام: إنكم في منازلكم، وقال عمر رضي الله تعالى عنه: أما تخمس كما خمست يوم بدر؟ قال: لا إنما جعلت هذه لي طعمة دون الناس قال: رضينا بما صنع الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلم.

وذكر الجلال السيوطي أن الخبر رواه الواقدي من رواية خارجة بن زيد عن أم العلاء، قالت: لما غنم رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم بني النضير جعل الحديث، ومن طريق المسور بن رفاعة قال: فقال عمر يا رسول الله ألا تخمس ما أصيب من بني النضير الحديث اهـ، وعليه لا يحسن من الزمخشري ذكره هاهنا مع أن الآيات عنده في شأن بني قريظة، وسيأتي الكلام فيما وقع لبني النضير في تفسير سورة الحشر إن شاء الله تعالى وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها قال مقاتل، ويزيد بن رومان، وابن زيد: هي خيبر فتحت بعد بني قريظة، وقال قتادة: كان يتحدث أنها مكة، وقال الحسن: هي أرض الروم وفارس، وقيل: اليمن، وقال عكرمة: هي ما ظهر عليه المسلمون إلى يوم القيامة واختاره في البحر، وقال عروة: لا أحسبها إلا كل أرض فتحها الله تعالى على المسلمين أو هو عزّ وجلّ فاتحها إلى يوم القيامة، والظاهر أن العطف على أَرْضَهُمْ واستشكل بأن الإرث ماض حقيقة بالنسبة إلى المعطوف عليه ومجازا بالنسبة الى هذا المعطوف. وأجيب بأنه يراد بأورثكم أورثكم في علمه وتقديره وذلك متحقق فيما وقع من الإرث كأرضهم وديارهم وأموالهم وفيما لم يقع بعد كإرث ما لم يكن مفتوحا وقت نزول الآية. وقدر بعضهم أورثكم في جانب المعطوف مرادا به يورثكم إلا أنه عبر بالماضي لتحقق الوقوع والدليل المذكور، واستبعد دلالة المذكور عليه لتخالفهما حقيقة ومجازا.

وقيل: الدليل ما بعد من قوله تعالى: وَكانَ اللَّهُ إلخ، ثم إذا جعلت الأرض شاملة لما فتح على أيدي الحاضرين ولما فتح على أيدي غيرهم ممن جاء بعدهم لا يخص الخطاب الحاضرين كما لا يخفى. ومن بدع التفاسير أنه أريد بهذه الأرض نساؤهم، وعليه لا يتوهم إشكال في العطف. وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما «لم تطوها» بحذف الهمزة أبدل همزة تطأ الفا على حد قوله:

إن السباع لتهدى في مرابضها ... والناس لا يهتدى من شرهم أبدا

فالتقت ساكنة مع الواو فحذفت كقولك لم تروها وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً فهو سبحانه قادر على أن يملككم ما شاء يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا أي السعة والتنعم فيها وَزِينَتَها أي

<<  <  ج: ص:  >  >>