للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو لاستقرار لها ومكث في كل برج من البروج الاثني عشر على نهج مخصوص فالمستقر مصدر ميمي واللام داخلة على الغاية أو الحامل، وقيل تجري لبيتها وهو برج الأسد، واستقرارها عبارة عن حسن حالها فيه، وهذا غير مقبول إلا عند أهل الأحكام ولا يخفى حكمهم على محققي الإسلام، وقال قتادة. ومقاتل المعنى تجري إلى وقت لها لا تتعداه، قال الواحدي: وعلى هذا مستقرها انتهاء سيرها عند انقضاء الدنيا وهذا اختيار الزجاج كما قال النووي:

في شرح صحيح مسلم، ومستقر عليه اسم زمان

وفي غير واحد من الصحاح عن أبي ذر قال: «كنت مع النبي صلّى الله عليه وسلم في المسجد عند غروب الشمس فقال يا أبا ذر أتدري أين تذهب هذه الشمس؟ قلت الله تعالى ورسوله أعلم قال: تذهب لتسجد (١) فتستأذن فيؤذن لها ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها فيقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها فذلك قوله عز وجل: وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها

وفي رواية أتدرون أين تذهب هذه الشمس؟

قالوا: الله تعالى ورسوله أعلم قال: إن هذه تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة، الحديث

وفي ذلك عدة روايات وقد روي مختصرا جدا.

وأخرج أحمد والبخاري، ومسلم وأبو داود والترمذي، والنسائي وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي عن أبي ذر قال: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها قال مستقرها تحت العرش

فالمستقر اسم مكان والظاهر أن للشمس فيه قرارا حقيقة، قال النووي: قال جماعة بظاهر الحديث، قال الواحدي:

وعلى هذا القول إذا غربت الشمس كل يوم استقرت تحت العرش إلى أن تطلع، ثم قال النووي: وسجودها بتمييز وإدراك يخلقه الله تعالى فيها.

وذكر ابن حجر الهيتمي في فتاويه الحديثية أن سجودها تحت العرش إنما هو عند غروبها وحكى فيها عن بعضهم أنها تطلع من سماء إلى سماء حتى تسجد تحت العرش وتقول: يا رب إن قوما يعصونك فيقال لها ارجعي من حيث جئت فتنزل من سماء إلى سماء حتى تطلع من المشرق وبنزولها إلى سماء الدنيا يطلع الفجر

، وفيها أيضا

أخرج أبو الشيخ عن عكرمة أنها إذا غربت دخلت نهرا تحت العرش فتسبح ربها حتى إذا أصبحت استعفت ربها عن الخروج فيقول سبحانه لم فتقول إني إذا خرجت عبدت من دونك

، والسجود تحت العرش قد جاء أيضا من روايات الإمامية ولهم في ذلك أخبار عجيبة منها أن الشمس عليها سبعون ألف كلاب وكل كلاب يجره سبعون ألف ملك من مشرقها إلى مغربها ثم ينزعون منها النور فتخر ساجدة تحت العرش ثم يسألون ربهم هل نلبسها لباس النور أم لا؟ فيجابون بما يريده سبحانه ثم يسألونه عز وجل هل نطلعها من مشرقها أو مغربها؟ فيأتيهم النداء بما يريد جل شأنه ثم يسألون عن مقدار الضوء فيأتيهم النداء بما يحتاج إليه الخلق من قصر النهار وطوله.

وفي الهيئة السنية للجلال السيوطي أخبار من هذا القبيل والصحيح من الأخبار قليل، وليس لي على صحة أخبار الإمامية وأكثر ما في الهيئة السنية تعويل نعم ما تقدم عن أبي ذر مما لا كلام في صحته وماذا يقال في أبي ذر وصدق لهجته، والأمر في ذلك مشكل إذا كان السجود والاستقرار كل ليلة تحت العرش سواء قيل منها تطلع من سماء إلى سماء حتى تصل إليه فتسجد أم قيل: إنها تستقر وتسجد تحته من غير طلوع فقد صرح إمام الحرمين وغيره بأنه لا خلاف في أنها تغرب عند قوم وتطلع على آخرين والليل يطول عند قوم ويقصر عند آخرين وبين الليل والنهار


(١) أي في الرجوع كما جاء مصرحا به في حديث آخر رواه أحمد والترمذي وغيرهما فلا تغفل اه منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>