فاطلعوا على من أرادوا من أهل النار وقيل إن لهم طاقات في الجنة ينظرون منها من علو إلى أهل النار وعلم القائل بأن القرين من أهل النار لعلمه بأنه كان ينكر البعث ومنكره منهم قطعا والأصل بقاؤه على الكفر وقيل علم ذلك بأخبار الملائكة عليهم السلام إياه، وقيل قائل هَلْ أَنْتُمْ إلخ هو الله تعالى أو بعض الملائكة عليهم السلام يقول للمتحادثين من أهل الجنة هل تحبون أن تطلعوا على أهل النار لأريكم ذلك القرين فتعلموا أين منزلتكم من منزلتهم، وقيل القائل من كان له قرين والمخاطبون بأنتم الملائكة عليهم السلام وفي الكلام حذف كأنه قيل: فقال لهذا القائل حاضروه من الملائكة قرينك هذا يعذب في النار فقال للملائكة الذين أخبروه: هل أنتم مطلعون ولا يخفى ما فيه فَاطَّلَعَ أي على أهل النار فَرَآهُ أي فرأى قرينه فِي سَواءِ الْجَحِيمِ أي في وسطها، ومنه قول عيسى بن عمر لأبي عبيدة كنت أكتب حتى ينقطع سوائي، وسمي الوسط سواء لاستواء المسافة منه إلى الجوانب. وقرأ أبو عمرو في رواية حسين الجعفي مُطَّلِعُونَ بإسكان الطاء وفتح النون «فأطلع» بضم الهمزة وسكون الطاء وكسر اللام فعلا ماضيا مبنيا للمفعول، وهي قراءة ابن عباس وابن محيصن وعمار بن أبي عمار وأبي سراج وقرىء «مطّلعون» مشددا «فاطلّع» مشددا أيضا مضارعا منصوبا على جواب الاستفهام.
وقرىء مطلعون بالتخفيف «فأطلع» مخففا فعلا ماضيا و «فأطلع» مخففا مضارعا منصوبا. وقرأ أبو البرهسم وعمار بن أبي عمار فيما ذكره خلف عنه «مطلعون» بتخفيف الطاء وكسر النون «فاطّلع» ماضيا مبنيا للمفعول ورد هذه القراءة أبو حاتم وغيره لجمعها بين نون الجمع وياء المتكلم والوجه مطلعي كما قال عليه الصلاة والسلام «أو مخرجي هم» ووجهها أبو الفتح على تنزيل اسم الفاعل منزلة المضارع فيقال عنده ضاربونه مثلا كما يقال يضربونه وعليه قوله:
هم الآمرون الخير والفاعلونه ... إذا ما خشوا من محدث الدهر معظما
وأنشد الطبري قول الشاعر:
وما أدري وظني كل ظن ... أمسلمني إلى قومي شراحي (١)
ومثله قول الآخر:
فهل فتى من سراة الحي يحملني ... وليس حاملني إلا ابن حمال
وهذه النون عند جمع نون الوقاية ألحقت مع الوصف حملا له على الفعل وليست مثل النون في القراءة. وفي البيت وإن كان إلحاق كل للحمل. وقال بعضهم: إنها نون التنوين وحركت لالتقاء الساكنين، ورد بأنه سمع إلحاقها مع أل كقوله: وليس الموافيني ومع أفعل التفضيل كما وقع في الحديث غير الدجال أخوفني عليكم.
ويعلم من هذا عدم اختصاص إلحاقها بالشعر نعم هو في غيره قليل، وضعف بعضهم ما وجه به أبو الفتح وقال:
إن ذلك لا يقع إلا في الشعر وخرجت أيضا على أنها من وضع المتصل موضع المنفصل وأريد بذلك أن الأصل مطلعون إياي ثم جعل المنفصل متصلا فقيل مطلعوني ثم حذفت الياء واكتفى عنها بالكسرة كما في قوله تعالى فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ [الحج: ٤٤، سبأ: ٤٥، فاطر: ٢٦، الملك: ١٨] ومثله يقال في الفاعلونه في البيت السابق، ورد ذلك أبو حيان بأن ما ذكر ليس من محال المنفصل حتى يدعي أن المتصل وقع موقعه وادعى أولوية تخريج أبي الفتح، والبيت قيل مصنوع لا يصح الاستشهاد به، وقيل: إن الهاء هاء السكت حركت للضرورة وهو فرار من ضرورة لأخرى إذ تحريكها وإثباتها في الوصل غير جائز، وللنحاة في مسألة إثبات النون مع إضافة الوصف إلى الضمير كلام