التعظيم وأيضا إن الشمس لو رجعت بعد الغروب لكان مشاهدا لكل أهل الدنيا ولو كان كذلك لتوفرت الدواعي على نقله وحيث لم ينقله أحد علم فساده.
والذي يقول برد الشمس لسليمان يقول هو كردها ليوشع وردها لنبينا صلى الله عليه وسلم في حديث العير ويوم الخندق حين شغل عن صلاة العصر وردها لعلي كرم الله تعالى وجهه ورضي عنه بدعائه عليه الصلاة والسلام،
فقد روي عن أسماء بنت عميس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوحى إليه ورأسه في حجر علي كرم الله تعالى وجهه فلم يصل العصر حتى غربت الشمس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صليت يا علي؟ قال: لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس قالت أسماء: فرأيتها غربت ثم رأيتها طلعت بعد ما غربت ووقعت على الأرض وذلك بالصهباء في خيبر
، وهذا الخبر في صحته خلاف فقد ذكره ابن الجوزي في الموضوعات، وقال: إنه موضوع بلا شك وفي سنده أحمد بن داود وهو متروك الحديث كذاب كما قاله الدارقطني، وقال ابن حبان: كان يضع الحديث، وقال ابن الجوزي: قد روى هذا الحديث ابن شاهين فذكره ثم قال: وهذا حديث باطل ومن تغفل واضعه أنه نظر إلى صورة فضيلة ولم يلمح عدم الفائدة فيها وأن صلاة العصر بغيبوبة الشمس وتصير قضاء ورجوع الشمس لا يعيدها أداء انتهى.
وقد أفرد ابن تيمية تصنيفا في الرد على الروافض ذكر فيه الحديث بطرقه ورجاله وأنه موضوع، وقال الإمام أحمد: لا أصل له، وصححه الطحاوي والقاضي عياض، ورواه الطبراني في معجمه الكبير بإسناد حسن كما حكاه شيخ الإسلام ابن العراقي في شرح التقريب عن أسماء أيضا لكن بلفظ آخر ورواه ابن مردويه عن أبي هريرة وكان أحمد بن صالح يقول: لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلف عن حفظ حديث أسماء لأنه من علامات النبوة، وكذا اختلف في حديث الرد يوم الخندق فقيل ضعيف، وقيل: موضوع، وادعى العلامة ابن حجر الهيثمي صحته، وما في حديث العير وأظن أنهم اختلفوا في صحته أيضا ليس صريحا في الرد فإن لفظ
الخبر أنه لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم وأخبر قومه بالرفقة والعلامة التي في العير قالوا: متى يجيء؟ قال: يوم الأربعاء فلما كان ذلك اليوم أشرفت قريش ينظرون وقد ولى النهار ولم يجىء فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فزيد له في النهار ساعة وحبست عليه الشمس
والحبس غير الرد ولو كان هناك رد لأدركه قريش ولقالوا فيه ما قالوا في انشقاق القمر ولم ينقل، وقيل: كأن ذلك كان بركة في الزمان نحو ما يذكره الصوفية مما يعبرون عنه بنشر الزمان وإن لم يتعقله الكثير وكذا ما كان ليوشع عليه السلام
فقد جاء في الحديث الصحيح لم تحبس الشمس على أحد إلا ليوشع بن نون
والقصة مشهورة وهذا الحديث الصحيح عند الكل يعارض جميع ما تقدم، وتأويله بأن المراد لم تحبس على أحد من الأنبياء غيري إلا ليوشع أو بالتزام أن المتكلم غير داخل في عموم كلامه بعد تسليم قبوله لا ينفي معارضته خبر الرد لسليمان عليه السلام فإنه بظاهره يستدعي نفي الرد الذي هو أعظم من الحبس له عليه السلام.
وبالجملة القول برد الشمس لسليمان عليه السلام غير مسلم، وعدم قولي بذلك ليس لامتناع الرد في نفسه كما يزعمه الفلاسفة بل لعدم ثبوته عندي، والذوق السليم يأبى حمل الآية على ذلك لنحو ما قال الرازي ولغيره من تعقيب طلب الرد بقوله تعالى: فَطَفِقَ إلخ ثم ما قدمنا نقله من وقوع الصلاة بعد الرد قضاء هو ما ذهب إليه البعض.
وفي تحفة العلامة ابن حجر الهيثمي لو عادت الشمس بعد الغروب عاد الوقت كما ذكره ابن العماد، وقضية كلام الزركشي خلافه وأنه لو تأخر غروبها عن وقته المعتاد قدر غروبها عنده وخرج الوقت وإن كانت موجودة انتهى كلام الزركشي، وما ذكره آخرا بعيد وكذا أولا فالأوجه كلام ابن العماد ولا يضركون عودها معجزة له صلى الله عليه وسلم لأن