وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ أي من مهرب ومخلص من العذاب على ذلك، وجعلوا الجزاء بمنزلة الإنشاء كالاستفهام فكأنه تقدم أحد الأمور الستة ولم يرتض ذلك الزمخشري وقال: فيه نظر لما أورده سيبويه في الكتاب قال: واعلم أن النصب بالفاء والواو في قوله: إن تأتني آتك وأعطيك ضعيف وهو نحو من قوله:
وألحق بالحجاز فأستريحا فهذا تجوز ولا بحد الكلام ولا وجهه إلا أنه في الجزاء صار أقوى قليلا لأنه ليس بواجب أنه يفعل إلا أن يكون من الأول فعل فلما ضارع الذي لا يوجبه كالاستفهام ونحوه أجازوا فيه هذا على ضعف، ولا يجوز أن تحمل القراءة المستفيضة على وجه ضعيف ليس بحد الكلام ولا وجهه ولو كانت من هذا الباب لما أخلى سيبويه منها كتابه وقد ذكر نظائرها من الآيات المشكلة انتهى، وخرج هو النصب في يَعْلَمَ على العطف على علة مقدرة قال: أي لينتقم منهم ويعلم الذين إلخ، وكم من نظير له في القرآن العظيم إلا أن ذلك من وجود حرف التعليل كقوله تعالى: وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ [مريم: ٢١] وقوله سبحانه: خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ [الجاثية:
٢٢] .
وقال أبو حيان: يبعد هذا التقدير أنه ترتب على الشرط إهلاك قوم ونجاة قوم فلا يحسن لينتقم منهم.
وأجيب بأن الآية مخصوصة بالمجرمين فالمقصود الهلاك ويجوز أن يقدر ليظهر عظيم قدرته تعالى ويعلم الذين يجادلون فلا يرد عليه ما ذكر ويحسن ذلك التقدير في توجيه النصب في «يعفو» على ما روي عن أهل المدينة إذا خدش التوجيه السابق بما نقل عن سيبويه فيقال: إنه عطف على تعليل مقدر أي لينتقم منهم ويعفو عن كثير، وقراءة النصب في يَعْلَمَ هي التي قرأ بها أكثر السبعة.
وقرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر والأعرج وشيبة وزيد بن علي بالرفع، وقرر في الكشف وجهه بأنه على عطف يعلم على مجموع الجملة الشرطية على معنى ومن آياته الدالة على كمال القدرة السفن في البحر ثم ذكر وجه الدلالة وأنها مسخرة تحت أمره سبحانه تارة بتضمن نفع من فيها وتارة بالعكس ثم قال جل وعلا ويعلم الذين يعاندون ولا