للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما قاله الأصم- والحامل وغيرها لكن القياس اقتضى تنصيف المدة للأمة والإجماع خص الحامل عنه لقوله تعالى:

وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق: ٤]

وعن علي كرم الله تعالى وجهه وابن عباس أنها تعتد بأقصى الأجلين احتياطا

وهو لا ينافي الإجماع بل فيه عمل بمقتضى الآيتين، واستدل بعضهم بها على أن العدة من الموت حيث علقت عليه فلو لم يبلغها موت الزوج إلا بعد مضي العدة حكم بانقضائها وهو الذي ذهب إليه الأكثرون والشافعي في أحد قوليه، ويؤيده أنّ الصغيرة التي لا علم لها يكفي في انقضاء عدّتها هذه المدّة، وقيل: إنها ما لم تعلم بوفاة زوجها لا تنقضي عدّتها بهذه الأيام لما روي «امرأته المفقود امرأته حتى يأتيها تبين موته أو طلاقه» فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ أي انقضت عدتهن فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أيها القادرون عليهن، وقيل: الخطاب للأولياء، وقيل: لجميع المسلمين فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مما حرم عليهنّ في العدّة، وفي التقييد إشارة إلى علة النهي بِالْمَعْرُوفِ أي بالوجه الذي يعرفه الشرع ولا ينكره، وقيد به للإيذان بأنه لو فعلن خلاف ذلك فعليهم أن يكفوهنّ، فإن قصروا أثموا وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فلا تعملوا خلاف ما أمرتم به «والظاهر» أنّ المخاطب في سابقه. وجوّز أن يكون خطابا للقادرين من الأولياء والأزواج فيكون فيه تغليبان- الخطاب على الغيبة- والذكور على الإناث- وفيه تهديد للطائفتين، ويحتمل أن يكون وعدا ووعيدا لهما وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أيها الرجال المبتغون للزواج.

فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ بأن يقول أحدكم- كما روى البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما- إني أريد التزوج، وإني لأحب امرأة من أمرها وأمرها، وإن من شأني النساء، ولوددت أن الله تعالى كتب لي امرأة صالحة، أو يذكر للمرأة فضله وشرفه،

فقد روي «أنّ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم دخل على أم سلمة وقد كانت عند ابن عمها أبي سلمة فتوفي عنها فلم يزل يذكر لها منزلته من الله تعالى وهو متحامل على يده حتى أثر الحصير في يده من شدّة تحامله عليها وكان ذلك تعريضا لها»

والتعريض في الأصل إمالة الكلام عن نهجه إلى عرض منه وجانب، واستعمل في أن تذكر شيئا مقصودا في الجملة بلفظه الحقيقي أو المجازي أو الكنائي ليدل بذلك الشيء على شيء آخر لم يذكر في الكلام مثل أن تذكر المجيء للتسليم بلفظه ليدل على التقاضي وطلب العطاء، وهو غير الكناية لأنها أن تذكر معنى مقصودا بلفظ آخر يوضع له لكن استعمل في الموضوع- لا على وجه القصد- بل لينتقل منه إلى الشيء المقصود، فطويل النجاد مستعمل في معناه لكن لا يكون المقصود بالإثبات بل لينتقل منه إلى طول القامة، وقرّر بعض المحققين أن بينهما عموما من وجه، فمثل قول المحتاج: جئتك لأسلم عليك كناية وتعريض، ومثل- زيد طول النجاد- كناية لا تعريض، ومثل قولك: في عرض من يؤذيك وليس المخاطب- آذيتني فستعرف- تعريض بتهديد المؤذي لا كناية «والمشهور» تسمية التعريض تلويحا لأنه يلوح منه ما تريده، وعدوا جعل السكاكي له اسما للكناية البعيدة لكثرة الوسائط مثل- كثير الرماد- للمضياف اصطلاحا جديدا «وفي الكشف» وقد يتفق عارض يجعل الكناية في حكم المصرح به كما في الاستواء على العرش وبسط اليد، ويجعل الالتفات في التعريض نحو المعرض به كما في قوله تعالى: وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ [البقرة: ٤١] فلا ينتهض نقضا على الأصل «والخطبة» - بكسر الخاء- قيل: الذكر الذي يستدعى به إلى عقد النكاح أخذا من الخطاب، وهو توجيه الكلام للإفهام- وبضمها- الوعظ المتسق على ضرب من التأليف، وقيل: إنهما اسم الحالة غير أنّ- المضمومة- خصت بالموعظة- والمكسورة- بطلب المرأة والتماس نكاحها- وأل- في النِّساءِ للعهد، والمعهودات هي الأزواج المذكورة في قوله تعالى: وَيَذَرُونَ أَزْواجاً ولا يمكن حملها على الاستغراق لأنّ من النساء من يحرم التعريض بخطبتهن في العدّة- كالرجعيات والبائنات- في قول، والأظهر عند الشافعي رضي الله تعالى عنه جوازه في

<<  <  ج: ص:  >  >>