للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيدنا وابن سيدنا خرجت من عندنا على دين وجئت على غيره فاختر منا أحد أمرين إما أن تخلينا وملكنا وتعبد ما شئت وإما أن تذر دينك الذي أحدثت وبينهم يومئذ نار تنزل من السماء فقال الأحبار عند ذلك: اجعل بينك وبينهم النار فتواعد القوم جميعا على أن يجعلوها بينهم فجيء بالأحبار وكتبهم وجيء بالأصنام وعمارها وقدموا جميعا إلى النار وقامت الرجال خلفهم بالسيوف فهدرت النار هدير الرعد ورمت شعاعا لها فنكص أصحاب الأصنام وأقبلت النار وأحرقت الأصنام وعمارها وسلّم الآخرون فأسلم قوم واستسلم قوم فلبثوا بعد ذلك عمر تبع حتى إذا نزل بتبع الموت استخلف أخاه وهلك فقتلوا أخاه وكفروا صفقة واحدة، وفي رواية عن ابن عباس أن تبعا لما أقبل من الشرق بعد أن حبر الحيرة أي بناها ونظم أمرها. وهي بكسر الحاء المهملة وياء ساكنة مدينة بقرب الكوفة. وبنى سمرقند وهي مدينة بالعجم معروفة، وقيل: إنه هدمها وقصد المدينة وكان قد خلف بها حين سافر ابنا له فقتل غيلة فأجمع على خرابها واستئصال أهلها فجمع له الأنصار وخرجوا لقتاله وكانوا يقاتلوه بالنهار ويقرونه بالليل فأعجبه ذلك وقال: إن هؤلاء لكرام فبينما هو على ذلك إذ جاءه كعب، وأسد ابنا عم من قريظة حبران وأخبراه أنه يحال بينك وبين ما تريد فإنها مهاجر نبي من قريش اسمه محمد صلّى الله عليه وسلّم ومولده بمكة فثناه قولهما عما يريد ثم دعواه إلى دينهما فاتبعهما وأكرمهما فانصرفوا عن المدينة ومعهم نفر من اليهود فقال له في الطريق نفر من هذيل: ندلك على بيت فيه كنز من لؤلؤ وزبرجد وذهب وفضة بمكة وأرادت هذيل هلاكه لأنهم عرفوا أنه ما أراده أحد بسوء إلا هلك فذكر ذلك للحبرين فقالا: ما نعلم لله عز وجلّ بيتا في الأرض اتخذه لنفسه غير هذا فاتخذه مسجدا وانسك عنده واحلق رأسك وما أراد القوم إلا هلاكك فأكرمه وكساه وهو أول من كسى البيت وقطع أيدي أولئك النفر من هذيل وأرجلهم وسمل أعينهم وصلبهم. وفي رواية أنه قال للحبرين حين قالا له ما قالا:

وأنتما ما يمنعكما من ذلك؟ فقالا: أما والله إنه لبيت أبينا إبراهيم عليه السلام وإنه لكما أخبرناك ولكن أهله حالوا بيننا وبينه بالأوثان التي نصبوها حوله وبالدماء التي يريقونها عنده وهم نجس أهل شرك فعرف صدقهما ونصحهما فطاف بالبيت ونحر وحلق رأسه وأقام بمكة ستة أيام فيما يذكرون ينحر للناس ويطعم أهلها ويسقيهم العسل، وقيل: إنه أراد تخريب البيت فرمي بداء عظيم فكف عنه وكساه.

وأخرج ابن عساكر عن ابن إسحاق أن تبعا أري في منامه أن يكسو البيت فكساه الخصف ثم أري أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه المعافر ثم أري أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه الوصائل وصائل اليمن فكان فيما ذكر لي أول من كساه وأوصى بها ولاته من جرهم وأمر بتطهيره وجعل له بابا ومفتاحا. وفي رواية أنه قال أيضا: ولا تقربوه دما ولا ميتا ولا تقربه حائض، وفي نهاية ابن الأثير في الحديث أن تبعا كسى البيت المسوح فانتفض البيت منه ومزقه عن نفسه ثم كساه الخصف فلم يقبله ثم كساه الانطاع، وفي موضع آخر منها أن أول من كسى الكعبة كسوة كاملة تبع كساها الانطاع ثم كساها الوصائل والخصف فعل بمعنى مفعول من الخصف وهو ضم الشيء إلى الشيء والمراد شيء منسوج من الخوص على ما هو الظاهر، وقيل: أريد به هاهنا الثياب الغلاظ جدا تشبيها بالخصف المذكور، والمعافر برود من اليمن منسوبة إلى معافر قبيلة بها، والميم زائدة، والوصائل ثياب حمر مخططة يمانية، والمسوح جمع مسح بكسر الميم وسكون المهملة أثواب من شعر غليظة، والانطاع جمع نطع بالكسر وبالفتح وبالتحريك بسط من أديم. وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن أبي بن كعب قال: لما قدم تبع المدينة ونزل بفنائها بعث إلى أحبار يهود فقال: إني مخرب هذا البلد حتى لا تقوم به يهودية ويرجع الأمر إلى دين العرب فقال له:

شامول اليهودي وهو يومئذ أعلمهم: أيها الملك إن هذا بلد يكون إليه مهاجر نبي من بني إسماعيل مولده بمكة اسمه أحمد وهذه دار هجرته إلى أن قال: قال وما صفته؟ قال: رجل ليس بالقصير ولا بالطويل في عينيه حمرة يركب البعير ويلبس الشملة سيفه على عاتقه لا يبالي من لاقى حتى يظهر أمره فقال تبع: ما إلى هذا البلد من سبيل وما كان ليكون

<<  <  ج: ص:  >  >>