خرابها على يدي. وذكر أبو حاتم الرياشي أنه آمن بالنبي صلّى الله عليه وسلّم قبل أن يبعث بسبعمائة سنة، وقيل: بينه وبين مولده عليه الصلاة والسلام ألف سنة، والقولان يدلان على أنه قبل مبعث عيسى عليه السلام. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال:
لا تقولوا في تبع إلا خيرا فإنه قد حج البيت وآمن بما جاء به عيسى ابن مريم، وهو يدل على أنه بعد مبعث عيسى عليه السلام، والأول أشهر.
ومن حديث عباد بن زياد المري أنه لما أخبره اليهود أنه سيخرج نبي بمكة يكون قراره بهذا البلد. يعني المدينة اسمه أحمد وأخبروه أنه لا يدركه قال للأوس والخزرج:
حدثت أن رسول الملي ... ك يخرج حقا بأرض الحرم
ولو مد دهري إلى دهره ... لكنت وزيرا له وابن عم
وفي البحر بدل البيت الأول:
شهدت على أحمد أنه ... رسول من الله باري النسم
وفيه أيضا رواية عن ابن إسحاق وغيره أنه كتب أيضا كتابا وكان فيه: أما بعد فإني آمنت بك وبكتابك الذي أنزل عليك وأنا على دينك وسنتك وآمنت بربك ورب كل شيء وآمنت بكل ما جاء من ربك من شرائع الإسلام فإن أدركتك فبها ونعمت وإن لم أدركك فاشفع لي ولا تنسني يوم القيامة فإني من أمتك الأولين وتابعيك قبل مجيئك وأنا على ملتك وملة أبيك إبراهيم عليه السلام، ثم ختم الكتاب ونقش عليه لله الأمر من قبل ومن بعد، وكتب عنوانه إلى محمد بن عبد الله نبي الله ورسوله خاتم النبيين ورسول رب العالمين صلّى الله عليه وسلّم من تبع الأول ودفعه إلى عظيم من الأوس والخزرج وأمره أن يدفعه للنبي عليه الصلاة والسلام أن أدركه.
ويقال: إنه بنى له دارا في المدينة يسكنها إذا أدركه صلّى الله عليه وسلّم وقدم إليها وأن تلك الدار دار أبي أيوب خالد بن زيد وأن الشعر والكتاب وصلا إليه وأنه من ولد ذلك الرجل الذي دفعا إليه أولا، ولما ظهر النبي عليه الصلاة والسلام دفعوا الكتاب إليه فلما قرىء عليه قال: مرحبا بتبع الأخ الصالح ثلاث مرات.
وجاء أنه صلّى الله عليه وسلّم صلّى عليه صلاة الجنازة وكذا على البراء بن معرور بعد وفاته بشهر يوم قدومه عليه الصلاة والسلام المدينة كما قال النجم الغيطي وكانت صلاة الجنازة قد فرضت تلك السنة، وكون هذا هو تبع الأول ويقال له الأكبر هو المذكور في غير ما كتاب، وذكر عبد الملك بن عبد الله بن بدرون في شرحه لقصيدة ابن عبدون أن أسعد هذا هو تبع الأوسط وذكر أيضا أن ملكه ثلاثمائة وعشرين سنة وملك بعده عمرو أربعا وستين سنة، وقال ابن قتيبة حسان وهو الذي قتل زرقاء اليمامة وأباد جديسا وكان ملكه خمسا وعشرين سنة والتواريخ ناطقة بتقدم تبابعة عليه فإن تبعا يقال لمن ملك اليمن مطلقا كما يقال لملك الترك خاقان، والروم قيصر، والفرس كسرى أو لا يسمى به إلا إذا كانت له حمير وحضرموت كما في القاموس أو إلا إذا كانت له حمير وسبأ وحضرموت كما ذكره الطيبي، والمتصف بذلك غير واحد كما لا يخفى على من أحاط خبرا بالتواريخ. وما تقدم من حكاية أنه هدم سمرقند ذكر عبد الملك خلافه ونسب هدمها إلى شمر بن افريقيس بن أبرهة أحد التبابعة أيضا كان قبل تبع المذكور بكثير قال: إن شمر خرج نحو العراق ثم توجه يريد الصين ودخل مدينة الصغد فهدمها وسميت شمر كند أي شمر خربها وعربت بعد فقيل سمرقند اهـ.