وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما أي ما بين الجنسين وهو شامل لما بين الطبقات.
وقرأ عبيد بن عمير «وما بينهن» فالضمير لمجموع السموات والأرض لاعِبِينَ أي عابثين وهو دليل على وقوع الحشر كما مر في الأنبياء وغيرها ما خَلَقْناهُما أي وما بينهما إِلَّا بِالْحَقِّ استثناء مفرغ من أعم الأحوال أي ما خلقناهما ملتبسين بشيء من الأشياء إلا ملتبسين بالحق فالجار والمجرور في موضع الحال من الفاعل، وجوز أن يكون في موضع الحال من المفعول، والباء للملابسة فيهما، وجوز أن تكون للسببية، والاستثناء مفرغ من أعم الأسباب أي ما خلقناهما بسبب من الأسباب إلا بسبب الحق الذي هو الإيمان والطاعة والبعث والجزاء والملابسة أظهر وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ تذييل وتجهيل فخيم لمنكري الحشر وتوكيد لأن إنكارهم يؤدي إلى إبطال الكائنات بأسرها وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ [النور: ١٥] ولهذا قال المؤمنون: رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ [آل عمران: ١٩١] إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ أي فصل الحق عن الباطل والمحق عن المبطل بالجزاء أو فصل الشخص عن أحبابه وذوي قرابته مِيقاتُهُمْ وقت وعدهم أَجْمَعِينَ وقرىء «ميقاتهم» بالنصب على أنه اسم إن والخبر يَوْمَ الْفَصْلِ أي إن ميعاد حسابهم وجزائهم في يوم الفصل وليس مثل إن حراسنا أسدا يَوْمَ لا يُغْنِي بدل من يَوْمَ الْفَصْلِ أو عطف بيان عند من لا يشترط المطابقة تعريفا وتنكيرا، وجوز نصبه أعني مقدرا وأن يكون ظرفا لما دل عليه الفصل لا له للفصل بينه وبينه بأجنبي، وهو مصدر لا يعمل إذا فصل لضعفه أو له على قول من اغتفر الفصل إذا كان المعمول ظرفا كابن الحاجب، والرضي، وجوز أبو البقاء كونه صفة لميقاتهم. وتعقب بأنه جامد نكرة لاضافته للجملة فكيف يكون صفة للمعرفة مع أنه لا يصح بناؤه عند البصريين إذا أضيف إلى جملة صدرها معرب وهو المضارع أي يوم لا يجزي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً من الأغنياء أي الإجزاء، فشيئا منصوب على المصدرية يجوز كونه مفعولا به، ويغني بمعنى يدفع وينفع. وتنكير شَيْئاً للتقليل، والمولى الصاحب الذي من شأنه أن يتولى معونة صاحبه على أموره فيدخل في ذلك ابن العم والحلف والعتيق والمعتق وغيره، وذكر الخفاجي أنه من الولاية وهي التصرف فيشمل كل من يتصرف في آخر لأمر ما كقرابة وصداقة وهو قريب مما ذكرنا. وأيّا ما كان فليس ذلك من استعمال المشترك في أكثر من معنى واحد، ولو سلم أن هناك مشتركا استعمل في أكثر من معنى كانت الآية دليلا لابن الهمام عليه الرحمة في جواز ذلك في النفي فيقال عنده: ما رأيت عينا ويراد العين الباصرة وعين الذهب وغيرها ويعلم من نفي إغناء المولى نفي إغناء غيره من باب أولى.
وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ الضمير عند جمع المولى الأول والجمع باعتبار المعنى لأنه نكرة في سياق النفي وهي تعم دون الثاني لأنه أفيد وأبلغ لأن حال المولى الثاني نصرته معلوم من نفي الإغناء السابق، ولأنه إذا لم ينصر من