للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي أعرضوا عن الإسلام وسلوك طريقه أو منعوا غيرهم عن ذلك على أن صد لازم أو متعد، قال في الكشف: والأول أظهر لأن الصد عن سبيل الله هو الإعراض عما أتى به محمد صلّى الله عليه وسلّم لقوله تعالى: قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ [يوسف: ١٠٨] فيطابق قوله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وكثير من الآثار تؤيد الثاني، وفسر الضحاك سَبِيلِ اللَّهِ ببيت الله عز وجل، وقال: صدهم عنه منعهم قاصديه وليس بذلك.

والآية عامة لكل من اتصف بعنوان الصلة، وقال ابن عباس: هم أي الذين كفروا وصدوا على الوجه الثاني في صَدُّوا المطعمون يوم بدر الكبرى، وكأنه عنى من يدخل في العموم دخولا أوليا، فإن أولئك كانوا صادين بأموالهم وأنفسهم فصدهم أعظم من صد غيرهم ممن كفر وصد عن السبيل، وأول من أطعم منهم. على ما نقل عن سيرة ابن سيد الناس. أبو جهل عليه اللعنة نحر لكفار قريش حين خرجوا من مكة عشرا من الإبل، ثم صفوان بن أمية نحر تسعا بعسفان، ثم سهل بن عمرو نحر بقديد عشرا ثم شيبة بن ربيعة وقد ضلوا الطريق نحر تسعا ثم عتبة بن ربيعة نحر عشرا، ثم مقيس الجمحي بالأبواء نحر تسعا، ثم العباس نحر عشرا، والحرث بن عامر نحر تسعا، وأبو البختري على ماء بدر نحر عشرا، ومقيس تسعا ثم شغلتهم الحرب فأكلوا من أزوادهم، وقيل: كانوا ستة نفر نبيه ومنبه ابنا الحجاج وعتبة وشيبة ابنا ربيعة، وأبو جهل والحارث ابنا هشام، وضم مقاتل إليهم ستة أخرى وهم عامر بن نوفل. وحكيم بن حزام. وزمعة بن الأسود. والعباس بن عبد المطلب. وصفوان بن أمية. وأبو سفيان بن حرب أطعم كل واحد منهم يوما الأحابيش والجنود يستظهرون بهم على حرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولا ينافي عد أبي سفيان إن صحت الرواية من أولئك كونه مع العير لأن المراد بيوم بدر زمن وقعتها فيشمل من أطعم في الطريق وفي مدتها حتى انقضت، وقال مقاتل: هم اثنا عشر رجلا من أهل الشرك كانوا يصدون الناس عن الإسلام ويأمرونهم بالكفر، وقيل: هم شياطين من أهل الكتاب صدوا من أراد منهم أو من غيرهم عن الدخول في الإسلام.

والموصول مبتدأ خبره قوله تعالى: أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ أي أبطلها وأحبطها وجعلها ضائعة لا أثر لها ولا نفع أصلا لا بمعنى أنه سبحانه أبطلها وأحبطها بعد أن لم تكن كذلك بل بمعنى أنه عز وجل حكم ببطلانها وضياعها وأريد بها ما كانوا يعملونه من أعمال البر كصلة الأرحام وقرى الأضياف وفك الأسارى وغيرها من المكارم.

وجوز أن يكون المعنى جعلها ضلالا أي غير هدى حيث لم يوفقهم سبحانه لأن يقصدوا بها وجهه سبحانه أو

<<  <  ج: ص:  >  >>