وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا حرصا على الجهاد لما فيه من الثواب الجزيل فالمراد بهم المؤمنون الصادقون لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ أي هلا أنزلت سورة يؤمر فيها بالجهاد. فلولا: تحضيضية، وعن ابن مالك أن لا زائدة والتقدير لو أنزلت سورة وليس بشيء.
فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ أي بطريق الأمر به، والمراد. بمحكمة. مبينة لا تشابه ولا احتمال فيها لوجه آخر سوى وجوب القتال، وفسرها الزمخشري بغير منسوخة الأحكام. وعن قتادة كل سورة فيها القتال فهي محكمة وهو أشد القرآن على المنافقين وهذا أمر استقرأه قتادة من القرآن لا بخصوصية هذه الآية والمتحقق أن آيات القتال غير منسوخة وحكمها باق إلى يوم القيامة. وقيل: محكمة بالحلال والحرام.
وقرىء «نزلت» سورة بالبناء للفاعل من نزل الثلاثي المجرد ورفع «سورة» على الفاعل.
وقرأ زيد بن علي «نزلت» كذلك إلا أنه نصب «سورة محكمة» ، وخرج ذلك على كون الفاعل ضمير السورة، و «سورة محكمة» نصب على الحال. وقرأ هو وابن عمير «وذكر» مبنيّا للفاعل وهو ضمير تعالى «القتال» بالنصب على أنه مفعول به رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أي نفاق، وقيل: ضعف في الدين يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ أي نظر المحتضر الذي لا يطرف بصره، والمراد تشخص أبصارهم جبنا وهلعا، وقيل: يفعلون ذلك من شدة العداوة له عليه الصلاة والسلام، وقيل: من خشية الفضيحة فإنهم إن تخلفوا عن القتال افتضحوا وبان نفاقهم، وقال الزمخشري: كانوا يدعون الحرص على الجهاد ويتمنونه بألسنتهم ويقولون: لولا أنزلت سورة في معنى