أَنْ تَكْتُبُوهُ أي الدين، أو الحق- أو الكتاب المشعر به الفعل والمنسبك مفعول به- لتسأموا- ويتعدى بنفسه، وقيل: يتعدى بحرف الجر وحذف للعلم به، وقيل: المراد من- السأم- الكسل إلا أنه كني به عنه لأنه وقع في القرآن صفة للمنافقين كقوله تعالى: وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى
[النساء: ١٤٢] ولذا وقع
في الحديث «لا يقول المؤمن كسلت وإنما يقول ثقلت»
وقرئ- و «لا يسأموا» - «أن يكتبوه» بالياء فيهما صَغِيراً أَوْ كَبِيراً حالان من الضمير أي على كل حال قليلا أو كثيرا مجملا أو مفصلا، وقيل: منصوبان على أنهما خبرا كان المضمرة وقدم الصغير على الكبير اهتماما به وانتقالا من الأدنى إلى الأعلى إِلى أَجَلِهِ حال من الهاء في- تكتبوه- أي مستقرا في ذمة المدين إلى وقت حلوله الذي أقر به وليس متعلقا بتكتبوه لعدم استمرار الكتابة إلى الأجل إذ هي مما ينقضي في زمن يسير ذلِكُمْ أي الكتب- وهو الأقرب- أو الإشهاد- وهو الأبعد- أو جميع ما ذكر- وهو الأحسن- والخطاب للمؤمنين أَقْسَطُ أي أعدل عِنْدَ اللَّهِ أي في حكمه سبحانه. وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ أثبت لها وأعون على إقامتها وأدائها وهما مبنيان من أقسط وأقام على رأي سيبويه فإنه يجيز بناء أفعل من الأفعال من غير شذوذ، وقيل: من قاسط بمعنى ذي قسط وقويم، وقال أبو حيان: قسط يكون بمعنى جار وعدل، وأقسط بمعنى عدل لا غير حكاه ابن القطاع- وعليه لا حاجة إلى رأي سيبويه في أقسط- وقيل: هو من قسط بوزن كرم بمعنى صار ذا قسط أي عدل، وإنما صحت الواو في أقوم ولم يقل أقام لأنها لم تقلب في فعل التعجب نحو ما أقومه لجموده إذ هو لا يتصرف وأفعل التفضيل يناسبه معنى فحمل عليه وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا أي أقرب إلى انتفاء ريبكم وشككم في جنس الدين وقدره وأجله ونحو ذلك، قيل: وهذا حكمة خلق اللوح المحفوظ، والكرام الكاتبين مع أنه الغني الكامل عن كل شيء تعليما للعباد وإرشادا للحكام، وحرف الجر مقدر هنا- وهو إلى كما سمعت- وقيل: مع أنه الغني الكامل عن كل شيء تعليما للعباد وإرشادا للحكام، وحرف الجر مقدر هنا- وهو إلى كما سمعت- وقيل: اللام، وقيل: من، وقيل في، ولكل وجهة إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ استثناء منقطع من الأمر بالكتابة فقوله تعالى: وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ إلى هنا جملة معترضة بين المستثنى والمستثنى منه أي لكن وقت كون تداينكم أو تجارتكم تجارة حاضرة بحضور البدلين تديرونها بينكم بتعاطيها يدا بيد- كذا قيل.
وفي الدر المصون يجوز أن يكون استثناء متصلا من الاستشهاد فيكون قد أمر بالاستشهاد في كل حال إلا في حال حضور التجارة، وقيل: إنه استثناء من هذا وذاك وهو منقطع أيضا أي لكن التجارة الحاضرة يجوز فيها عدم الاستشهاد والكتابة وقيل: غير ذلك- ولعل الأول أولى- ونصب عاصم تجارة على أنها خبر تكون واسمها مستتر فيها يعود إلى التجارة- كما قال الفراء- وعود الضمير في مثل ذلك على متأخر لفظا ورتبة جار في فصيح الكلام، وقال بعضهم: يعود إلى المداينة والمعاملة المفهومة من الكلام، وعليه فالتجارة مصدر لئلا يلزم الأخبار عن المعنى بالعين، ورفعها الباقون على أنها اسم تَكُونَ والخبر جملة تُدِيرُونَها ويجوز أن تكون تَكُونَ تامة فجملة تُدِيرُونَها صفة فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلَّا تَكْتُبُوها أي فلا مضرة عليكم أو لا إثم في عدم كتابتكم لها لبعد ذلك عن التنازع والنسيان، أو لأن في تكليفكم الكتابة حينئذ مشقة جدا وإدخال الفاء للإيذان بتعلق ما بعدها بما قبلها وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ أي هذا التبايع المذكور أو مطلقا وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ نهي عن المضارة- والفعل يحتمل البناء للفاعل والبناء للمفعول- والدليل عليه قراءة عمر رضي الله تعالى عنه- ولا يضار- بالفك والكسر، وقراءة ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بالفك والفتح- والمعنى على الأول- نهي الكاتب والشاهد عن ترك الإجابة إلى ما يطلب منهما وعن التحريف والزيادة والنقصان، وعلى الثاني النهي عن الضرار بهما بأن يعجلا عن مهم أولا يعطى