والحسن وأخرجه ابن عساكر عن أبي أمامة مرفوعا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم
. وفي رواية أخرى عن الحسن أنه قال:
هو اللائم لربه عز وجل يعد السيئات وينسى الحسنات.
وروى الطبراني وغيره بسند ضعيف عن أبي أمامة قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:«أتدرون ما الكنود» ؟ قالوا الله تعالى ورسوله أعلم. قال:«هو الكفور الذي يضرب عبده ويمنع رفده ويأكل وحده»
. وأخرجه البخاري في الأدب المفرد والحكيم الترمذي وغيرهما تفسيره بالذي يمنع رفده وينزل وحده ويضرب عبده موقوفا على أبي أمامة. والجمهور على تفسيره بالكفور وكل مما ذكر لا يخلو عن كفران والكفران المبالغ فيه يجمع صنوفا منه. وأل في الْإِنْسانَ للجنس والحكم عليه بما ذكر باعتبار بعض الافراد. وقيل: المراد به كافر معين لما روي عن ابن عباس أنها نزلت في قرط بن عبد الله بن عمرو بن نوفل القرشي وأيد بقوله تعالى بعد أَفَلا يَعْلَمُ إلخ لأنه لا يليق إلّا بالكافر. وفي الأمرين نظر وقيل المراد به كل الناس على معنى أن طبع الإنسان يحمله على ذلك إلّا إذا عصمه الله تعالى بلطفه وتوفيقه من ذلك واختاره عصام الدين وقال: فيه مدح للغزاة لسعيهم على خلاف طبعهم. ولِرَبِّهِ متعلق بكنود واللام غير مانعة من ذلك، وقدم للفاصلة مع كونه أهم من حيث إن الذم البالغ إنما هو على كنود نعمته عز وجل وقيل للتخصيص على سبيل المبالغة. وَإِنَّهُ أي الإنسان كما قال الحسن ومحمد بن كعب عَلى ذلِكَ أي على كنوده لَشَهِيدٌ لظهور أثره عليه فالشهادة بلسان الحال الذي هو أفصح من لسان المقال. وقيل: هي بلسان المقال لكن في الآخرة. وقيل: شهيد من الشهود لا من الشهادة بمعنى أنه كفور مع علمه بكفرانه وعمل السوء مع العلم به غاية المذمة والظاهر الأول. وقال ابن عباس وقتادة: ضمير إِنَّهُ عائد على الله تعالى أي وإن ربه سبحانه شاهد عليه فيكون الكلام على سبيل الوعيد واختاره التبريزي فقال: هو الأصح لأن الضمير يجب عوده إلى أقرب مذكور قبله. وفيه أن الوجوب ممنوع واتساق الضمائر وعدم تفكيكها يرجح الأول فإن الضمير السابق أعني ضمير لِرَبِّهِ للإنسان ضرورة وكذا الضمير اللاحق أعني الضمير في قوله تعالى وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ أي المال وورد بهذا المعنى في القرآن كثيرا حتى زعم عكرمة أن الخير حيث وقع في القرآن هو المال وخصه بعضهم بالمال الكثير وفسر به في قوله تعالى إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ [البقرة: ١٨٠] وإطلاق كونه خيرا باعتبار ما يراه الناس وإلّا فمنه ما هو شر يوم القيامة واللام للتعليل أي أنه لأجل حب المال لَشَدِيدٌ أي لبخيل كما قيل وكما يقال للبخيل شديد يقال له متشدد كما في قول طرفة:
أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي ... عقيلة مال الفاحش المتشدد
وشديد فيه يجوز أن يكون بمعنى مفعول كأن البخيل شد عن الإفضال، ويجوز أن يكون بمعنى فاعل كأنه شد صرته فلا يخرج منها شيئا. وجوز غير واحد أن يراد بالشديد القوي ولعله الأظهر وكأن اللام عليه بمعنى في أي وإنه لقوي مبالغ في حب المال. والمراد قوة حبه له. وقال الزمخشري: المعنى وإنه لحب المال وإيثار الدنيا وطلبها قوي مطيق وهو لحب عبادة الله تعالى وشكر نعمته سبحانه ضعيف متقاعس تقول هو شديد لهذا الأمر وقوي له إذا كان مطيقا له ضابطا. وجعل النيسابوري اللام على هذا للتعليل وليس بظاهر فتأمل.
وقال الفراء: يجوز أن يكون المعنى وإنه لحب الخير لشديد الحب يعني أنه يحب المال ويحب كونه محبا له إلّا أنه اكتفى بالحب الأول عن الثاني كما قال تعالى اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ [إبراهيم: ١٨] أي في يوم عاصف الريح فاكتفى بالأول عن الثاني. وقال قطرب: أي إنه شديد لحب الخير كقولك إنه لزيد ضروب في إنه ضروب لزيد. وظاهر التمثيل أنه اعتبر حب الخير مفعولا به لشديد وإن شديد اسم فاعل جيء