والخامسة من يوم الاثنين. والثانية عشرة منه. والسابعة من ليلة الثلاثاء. والثانية من يوم الثلاثاء. والتاسعة منه، والرابعة من ليلة الأربعاء. والحادية عشرة منها. والسادسة من يوم الأربعاء فهذه أربعة وعشرون ساعة ظاهرة كالشمس ليوم الأحد الإيلاجي الشاني كلها كنفس واحدة لأنها من معدن واحد، وهكذا تقول في سائر الأيام حتى تكمل سبعة أيام متميزة بعضها من بعض مولجة بعضها في بعض نهارها في ليلها وليلها في نهارها لحكمة التوالد والتناسل وذلك كسريان الحكم الواحد في الأيام، ويظهر ذلك من أيام التكوير.
وقد ذكر مولانا الشيخ الأكبر قدس سره الشأن في كل يوم في رسالته المسماة بالشأن الإلهي، ولعلي إن شاء الله تعالى أذكر ذلك عند قوله تعالى: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ [الرحمن: ٢٩] وهذه الأيام أيضا غير يوم المثل وهو عمر الدنيا، ويوم الرب، ويوم المعارج، ويوم القمر، ويوم الشمس، ويوم زحل، ويوم الحمل. ولكل كوكب من السيارات والبروج يوم- وقد ذكر كل ذلك في الفتوحات- وإنما تعرضنا لهذا المقدار وإن كان الاستقصاء في بيان مشرب القوم ليس بدعا في هذا الكتاب تعليما لبعض طلبة العلم ما الليل والنهار إذ قد ظنوا لجهلهم بسبب بحث جرى بنا الظنون، وفي هذا كفاية لمن ألقى السمع وهو شهيد فحمدا لك اللهم على ما علمت ولك الشكر على ما أنعمت وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ أي تكون الحيوانات من موادها أو من النطفة، وعليه ابن عباس، وابن مسعود، وقتادة ومجاهد، والسدي، وخلق كثير وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ أي النطفة من الحيوانات كما قال عامة السلف.
وأخرج ابن مردويه من طريق أبي عثمان النهدي عن سلمان الفارسي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لما خلق الله تعالى آدم عليه السلام أخرج ذريته فقبض قبضة بيمينه فقال: هؤلاء أهل الجنة ولا أبالي وقبض بالأخرى قبضة فجاء فيها كل رديء فقال هؤلاء أهل النار ولا أبالي فخلط بعضهم ببعض فيخرج الكافر من المؤمن والمؤمن من الكافر»
فذلك قوله تعالى: وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ الآية- وإلى هذا ذهب الحسن- وروي عن أئمة أهل البيت، فالحي والميت مجازيان، ولطف هذه الجملة بعد الأولى لا يخفى والقائلون بعموم المجاز قالوا: المراد تخرج الحيوانات من النطف والنطف من الحيوانات، والنخلة من النواة والنواة من النخلة، والطيب من الخبيث والخبيث من الطيب، والعالم من الجاهل والجاهل من العالم، والذكي من البليد والبليد من الذكي إلى غير ذلك. ولا يلزم من الآية أن يكون إخراج كل حي من ميت وكل ميت من حي ليلزم التسلسل في جانب المبدئ إذ غاية ما تفهمه الآية أن الله تعالى هذه الصفة وأما أنه لا يخلق شيئا إلا من شيء فلا كما لا يخفى، وقرأ الْمَيِّتِ بالتخفيف في الموضعين وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ الظرف في محل الحال من المفعول أي ترزق من تشاء غير محاسب له، أو من الفاعل أي ترزقه غير محاسب له، أو غير مضيق عليه، وجوز أن يكون نعتا لمصدر محذوف، أو مفعول محذوف أي رزقا غير قليل، وفي ذكر هذه الأفعال العظيمة التي تحير العقول ونسبتها إليه تعالى دلالة على أن من يقدر على ذلك لا يعجزه أن ينزع الملك من العجم ويذلهم ويؤتيه العرب ويعزهم بل هو أهون عليه من كل هين.
هذا وقد تقدم ما يشير إلى فضل هذه الآية،
وقد أخرج ابن أبي الدنيا عن معاذ بن جبل قال: شكوت إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم دينا كان عليّ فقال: «يا معاذ أتحب أن يقضى دينك؟ قلت: نعم قال: قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما تعطي منهما من تشاء وتمنع منهما من تشاء اقض عن ديني فلو كان عليك ملء الأرض ذهبا أدي عنك»