إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ عن رسم الحدوثية وَرافِعُكَ إِلَيَّ بنعت الربوبية وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بشغل سرك عن مطالعة الأغيار، أو متوفيك عنك، وقابضك منك، ورافعك عن نعوت البشرية ومطهرك من إرادتك بالكلية، وقيل: إن عيسى عليه الصلاة والسلام لما أحس منهم الكفر وعلم أنهم بعثوا من يقتله قال للحواريين: إني ذاهب إلى أبي وأبيكم السماوي أي متصل بروح القدس ومتطهر من علاقة عالم الرجس فأمدكم بالفيض كي تستجاب دعوتكم الخلق بعدي، فشبه للقوم صورة جسدانية هي مظهر عيسى روح الله تعالى بصورة حقيقة عيسى فظنوها هو فصلبوها ولم يعلموا أن الله تعالى رفعه إلى السماء الرابعة التي هي فلك الشمس، وحكمة رفعه إلى ذلك أن روحانيته عبارة عن إسرافيل عليه الصلاة والسلام ويشاركه المسيح في سر النفخ.
ومن قال: إنه رفع إلى السماء الدنيا بين الحكمة بأن إفاضة روحه كانت بواسطة جبريل عليه السلام وهو عبارة عن روحانية فلك القمر، وبأن القمر في السماء الدنيا وهو آية ليلية تناسب علم الباطن الذي أوتيه المسيح عليه السلام، ولم يعتبر الصوفية قدس الله تعالى أسرارهم القول: بأنه يدور حول العرش لأن ذلك مقام النهاية في الكمال، ولهذا لم يعرج إليه سوى صاحب المقام المحمود صلى الله تعالى عليه وسلم الجامع بين الظاهر والباطن إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ في أن كلا منهما خارق للعادة خارج عن دائرتها وإن افترقا في أن عيسى عليه الصلاة والسلام بلا ذكر