في- أي- هذه فقيل: هي أي التي في قولهم: أي الرجال، وقال ابن جني: إنها مصدر أوى يأوي إذا انضم واجتمع وأصله أوى فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت وأدغمت مثل- طي وشي- وحدث فيها بعد التركيب معنى التكثير المفهوم من كم كما حدث في كذا بعد التركيب معنى آخر- فكم وكأين- بمعنى واحد قالوا:
وتشاركها في خمسة أمور: الإبهام والافتقار إلى التمييز، والبناء، ولزوم التصدير وإفادة التكثير وهو الغالب والاستفهام وهو نادر، ولم يثبته إلا ابن قتيبة، وابن عصفور، وابن مالك، واستدل عليه بقول أبيّ بن كعب لابن مسعود رضي الله تعالى عنهما: كائن تقرأ سورة الأحزاب آية فقال: ثلاثا وسبعين، وتخالفها في خمسة أمور أيضا، أحدها أنها مركبة في المشهور وكم بسيطة فيه خلافا لمن زعم أنها مركبة من الكاف وما الاستفهامية ثم حذفت ألفها لدخول الجار وسكنت للتخفيف لثقل الكلمة بالتركيب، والثاني أن مميزها مجرور بمن غالبا حتى زعم ابن عصفور لزوم ذلك ويرده نص سيبويه على عدم اللزوم، ومن ذلك قوله:
اطرد اليأس بالرجاء «فكائن ... ألما حم يسره بعد عسره»
والثالث أنها لا تقع استفهامية عند الجمهور، والرابع أنها لا تقع مجرورة خلافا لابن قتيبة وابن عصفور أجازا بكائن تبيع الثوب، والخامس أن خبرها لا يقع مفردا، وقالوا: إن بينها وبين- كذا- موافقة ومخالفة أيضا فتوافقها- كذا- في أربعة أمور: التركيب والبناء والإبهام والافتقار إلى التمييز، وتخالفها في ثلاثة أمور: الأول أنها ليس لها الصدر تقول: قبضت كذا وكذا درهما، الثاني أن تمييزها واجب النصب فلا يجوز جره بمن اتفاقا ولا بالإضافة خلافا للكوفيين أجازوا في غير تكرار ولا عطف أن يقال: كذا ثوب وكذا أثواب قياسا على العدد الصريح، ولهذا قال فقهاؤهم: إنه يلزم بقول القائل له عندي كذا درهم مائة، وبقوله: كذا دراهم ثلاثة، وبقوله: كذا كذا درهما أحد عشر، وبقوله: كذا درهما عشرون، وبقوله: كذا وكذا درهما أحد وعشرون حملا على المحقق من نظائرهن من العدد الصريح ووافقهم على هذا التفصيل- غير مسألتي الإضافة- المبرد والأخفش والسيرافي وابن عصفور، ووهم ابن السيد في نقل الإجماع على إجازة ما أجازه المبرد ومن ذكر معه، الثالث أنها لا تستعمل غالبا إلا معطوفا عليها كقوله:
عد النفس نعمى بعد بؤسك ذاكرا ... «كذا وكذا لطفا به نسي الجهد»
وزعم ابن خروف أنهم لم يقولوا كذا درهما، وذكر ابن مالك أنه مسموع لكنه قليل قاله ابن هشام، ثم إن إثبات تنوين كَأَيِّنْ على القول المشهور في الوقف والخط على خلاف القياس لما أنه نسخ أصلها، وفيه لغات وكلها قد قرئ به: أحدها كَأَيِّنْ بالتشديد على الأصل وهي اللغة المشهورة، وبها قرأ الجمهور، والثانية- كائن- بألف بعدها همزة مكسورة من غير ياء على وزن كاعن كاسم الفاعل، وبها قرأ ابن كثير ومن ذلك قوله:
«وكائن» لنا فضلا عليكم ومنة ... قديما ولا تدرون ما من منعم
واختلف في توجيهها فعن المبرد أنها اسم فاعل من كان يكون وهو بعيد الصحة إذ لا وجه لبنائها حينئذ ولا لإفادتها التكثير، وقيل: أصلها المشددة فقدمت الياء المشددة على الهمزة وصار- كيئن- بكاف وياء مفتوحتين وهمزة مكسورة ونون ووزنه كعلف، ونظير هذا التصرف في المفرد تصرفهم في المركب كما ورد في لغة نادرة رعملي بتقديم الراء في لعمري ثم حذفت الياء الأولى للتخفيف فقلبت الثانية ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها أو حذفت الياء الثانية لثقلها بالحركة والتضعيف وقلبت الياء الساكنة ألفا كما في آية، ونظيره في حذف إحدى الياءين وقلب الأخرى ألفا طائي في النسبة إلى طيئ اسم قبيلة فإن أصله طييء بياءين مشددتين بينهما همزة فحذفت إحدى الياءين وقلبت الأخرى، والثالثة- كأي- بياء بعد الهمزة، وبها قرأ ابن محيصن، ووجهها أنها حذفت الياء الثانية وسكنت الهمزة