أي شيء قلت فيكن؟ قالت: سميتنا السفهاء فقال: الله تعالى سماكن السفهاء في كتابه، قالت: وسميتنا النواقص، قال:
كفى نقصانا أن تدعن من كل شهر خمسة أيام لا تصلين فيها، ثم قال: أما يكفي إحداكن أنها إذا حملت كان لها كأجر المرابط في سبيل الله تعالى وإذا وضعت كانت كالمتشحط في دمه في سبيل الله تعالى فإذا أرضعت كان لها بكل جرعة كعتق رقبة من ولد إسماعيل فإذا سهرت كان لها بكل سهرة تسهرها كعتق رقبة من ولد إسماعيل وذلك للمؤمنات الخاشعات الصابرات اللاتي لا يكفرن العشير فقالت السوداء: يا له من فضل لولا ما يتبعه من الشرط» .
وقيل: إن السفهاء عام في كل سفيه من صبي أو مجنون أو محجور عليه للتبذير، وقريب منه ما
روي عن أبي عبد الله رضي الله تعالى عنه أنه قال: إن السفيه شارب الخمر ومن يجري مجراه،
وجعل الخطاب عاما أيضا للأولياء وسائر الناس والإضافة في أَمْوالَكُمُ لا تفيد إلا الاختصاص وهو شامل لاختصاص الملكية واختصاص التصرف، وأيد ما ذهب إليه الكثير بأنه الملائم للآيات المتقدمة والمتأخرة، ومن ذهب إلى غيره جعل ذكر هذا الحكم استطرادا وكون ذلك مخلا بجزالة النظم الكريم محل تأمل، وقرأ نافع وابن عامر «قيما» بغير ألف، وفيه- كما قال أبو البقاء- ثلاثة أوجه: أحدها أنه مصدر مثل الحول والعوض وكان القياس أن تثبت الواو لتحصنها بتوسطها كما صحت في العوض والحول لكن أبدلوها ياء حملا على قيام، وعلى اعتلالها في الفعل، والثاني أنها جمع قيمة- كديمة وديم- والمعنى أن الأموال كالقيم للنفوس إذ كان بقاؤها بها، وقال أبو علي: هذا لا يصح لأنه قد قرئ في قوله تعالى: دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ [الأنعام: ١٦١] وقوله سبحانه: الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً [المائدة: ٩٧] ولا يصح معنى القيمة فيهما.
والثالث أن يكون الأصل قياما فحذفت الألف كما حذفت في خيم، وإلى هذا ذهب بعض المحققين وجعل ذلك مثل عوذا وعياذا، وقرأ ابن عمر- قواما- بكسر القاف وبواو وألف، وفيه وجهان: الأول أنه مصدر قاومت قواما مثل لاوذت لواذا فصحت في المصدر كما صحت في الفعل، والثاني أنه اسم لما يقوم به الأمر وليس بمصدر، وقرئ كذلك إلا أنه بغير ألف وهو مصدر صحت عينه وجاءت على الأصل كالعوض، وقرئ بفتح القاف وواو وألف، وفيه وجهان: أحدهما: أنه اسم مصدر مثل السلام والكلام والدوام، وثانيهما: أنه لغة في القوام الذي هو بمعنى يقال: جارية حسنة القوام والقوام والمعنى التي جعلها الله تعالى سبب بقاء قامتكم، وعلى سائر القراءات في الآية إشارة إلى مدح الأموال وكان السلف يقولون: المال سلاح المؤمن ولأن أترك مالا يحاسبني الله تعالى عليه خير من أن أحتاج إلى الناس، وقال عبد الله بن عباس: الدراهم والدنانير خواتيم الله في الأرض لا تؤكل ولا تشرب حيث قصدت بها قضيت حاجتك، وقال قيس بن سعد: اللهم ارزقني حمدا ومجدا فإنه لا حمد إلا بفعال ولا مجد إلا بمال، وقيل لأبي الزناد:
لم تحب الدراهم وهي تدنيك من الدنيا؟ فقال: هي وإن أدنتني منها فقد صانتني عنها، وفي منثور الحكم من استغنى كرم على أهله، وفيه أيضا الفقر مخذلة والغنى مجذلة والبؤس مرذلة والسؤال مبذلة. وكانوا يقولون: اتجروا واكتسبوا فإنكم في زمان إذا احتاج أحدكم كان أول ما يأكل دينه، وقال أبو العتاهية:
أجلك قوم حين صرت إلى الغنى ... وكل غنى في العيون جليل
إذا مالت الدنيا على المرء رغبت ... اليه ومال الناس حيث يميل
وليس الغنى إلا غنى زين الفتى ... عشية يقرى أو غداة ينيل
وقد أكثر الناس في مدح المال واختلفوا في تفضيل الغنى والفقر، واستدل كل على مدعاه بما لا يتسع له هذا المجال، ولشيخنا علاء الدين أعلى الله تعالى درجته في أعلى عليين: