للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يا رسول الله إئذن لي فيه. قال: أنت القائل: فثبت الله ما آتاك من حسن.

قال: نعم. قال: وإياك فثبت الله. ثم قام إليه كعب بن مالك فقال: يا رسول الله إئذن لي فيه. فقال: أنت القائل: هممت. قال: نعم. قال: لست له. ثم قام حسان بن ثبات فقال: يا رسول الله إئذن لي فيه. وأخرج لسانه فضرب به أرنبة أنفه، وقال: والله يا رسول الله إنه ليخيل لي أني لو وضعته على حجر لفلقه، على شعر لحلقه. فقال: أنت له. إذهب إلى أبي بكر يخبرك بمثالب القوم ثم اهجهم وجبريل معك» فقال حسان يرد على أبي سفيان [من الوافر] :

ألا أبلغ أبا سفيان عنّي ... مغلغلة فقد برح الخفاء

بأنّ سيوفنا تركتك عبدا ... وعبد الدار سادتها الإماء

هجوت محمدا فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: جزاؤك على الله الجنة.

أتهجوه ولست له بكفء ... فشرّكما لخيركما الفداء

هجوت مباركا برّا حنيفا ... أمين الله شيمته الوفاء

فمن يهجو رسول الله منكم ... ويمدحه وينصره سواء

فإنّ أبي ووالده وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء»

والواقع أن قريشا كانت تحرّض شعراءها على هجاء الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد تكوّن هذا الفريق من عبد الله بن الزبعرى وأبي سفيان بن الحرث بن عبد المطلب وعمرو بن العاص وضرار بن الخطاب. فطلب المسلمون من علي ابن أبي طالب (ض) أن يهجو مشركي قريش الذين يهجون الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: إن أذن لي النبي صلى الله عليه وسلم فعلت. فطلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يأذن للإمام علي (ض) فقال: إن عليا ليس عنده ما يراد في ذلك منه. ثم قال عليه الصلاة والسلام: «ما يمنع القوم الذين نصروا رسول الله بسلاحهم أن ينصروه بألسنتهم» .

لذلك انبرى ثلاثة شعراء من الأنصار: حسان بن ثابت وكعب بن مالك وعبد الله بن رواحة؛ ينافحون عن الرسول صلى الله عليه وسلم ويهجون المشركين. فكان

<<  <   >  >>