حسان وكعب يعارضانهم بمثل قولهم في الوقائع والأيام والماثر، ويذكران مثالبهم. أما ابن رواحة فكان يعيّرهم بالكفر وعبادة الأصنام، فكان قوله يومئذ أهون عليهم. وأما قول حسان وكعب فكان أشد القول عليهم. ولكن لما أسلمت قريش كان قول ابن رواحة أشد القول عليهم.
وقد قام حسان بالمهمة خير قيام، فكان يمدح الرسول صلى الله عليه وسلم ويهاجم خصومه. وقد طلب منه النبي صلى الله عليه وسلم أن يتعلم الأنساب من أبي بكر (ض) حتى يكون هجاؤه لقريش أوجع. وكان عليه الصلاة والسلام يقول له:«قل وروح القدس معك؛ والله لشعرك عليهم أشد من وقع الحسام في غبش الظلام» .
وقد أثنى عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وقرّبه منه، وقسم له من الغنائم والعطايا، ووهبه جارية اسمها سيرين، وهي أخت مارية القبطية والدة إبراهيم بن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد ولدت سيرين لحسان ابنه عبد الرحمن. وتجدر الإشارة إلى أن حسانا كان جبانا فاكتفى بالشعر ولم يجاهد بسيفه، ولم يشهد غزوة أو يشترك في حرب. توفي عام ٥٤ هـ/ ٦٧٤ م بعد أن عمّر أكثر من مئة سنة. له ديوان شعر، طبع في عدة أماكن، منذ أواسط القرن التاسع عشر الميلادي. هذا الديوان يشمل معظم الأغراض الشعرية من هجاء ومدح وغزل وفخر ووصف مجالس اللهو والخمر ... وفي ديوانه قصائد عديدة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم وفي رثائه. كما أن شعره كان تسجيلا حيا لحياة الرسول صلى الله عليه وسلم وغزواته، وكانت أشعاره خير تفسير وتوضيح لما غمض من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم. وقد مدح حسان الرسول صلى الله عليه وسلم بمعان كثيرة منها الجاهلي القديم، ومنها الإسلامي المستحدث. وقد اتخذ مدحه للرسول عليه السلام صفة الفخر بالمسلمين جميعا وخاصة الأنصار، والرد على المشركين ومهاجاتهم. وكان حسان سلاحا خطيرا في أيدي المسلمين لا يقل عن أسلحتهم الحربية الآخرى، فهو صحيفتهم اليومية وهو لسان دعايتهم. فعندما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وفد تميم يريدون المفاخرة، قام خطيبهم عطارد ابن حاجب فتكلم، ثم قام خطيب الرسول صلى الله عليه وسلم ثابت بن قيس فرد عليه. ثم قام شاعرهم الزبرقان بن بدر يفاخر ببني قومه مبينا شجاعتهم وإقدامهم وفروسيتهم، فانبرى له حسان وأنشد قصية نبوية عينية مطلعها [من البسيط] :