وشقّ له من إسمه ليجلّه ... فذو العرش محمود وهذا محمد
نبيّ أتانا بعد يأس وفترة ... من الرسل والأوثان في الأرض تعبد
فأمسى سراجا مستنيرا وهاديا ... يلوح كما لاح الصّقيل المهنّد
وأنذرنا نارا وبشّر جنة ... وعلّمنا الإسلام فالله نحمد»
كما ذكر في إحدى مدائحه بيتين أصبحا مجال إيحاء، ومصدر إلهام للشعراء المحبين للذات المحمدية [من الوافر] :
«وأحسن منك لم تر قطّ عيني ... وأجمل منك لم تلد النّساء
خلقت مبرّأ من كلّ عيب ... كأنّك قد خلقت كما تشاء»
وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم رثاه حسان بعدة قصائد تعبر عن صدق مشاعره، وخالص محبته له عليه الصلاة والسلام. ومنها قصيدة تكلم فيها عن المنبر والمصلى والمسجد والوحي، وذكر فيها بكاء الأرض والسماء، وعرض فيها بعض أفعاله صلى الله عليه وسلم، وعبّر فيها عن شوقه إلى لقاء الرسول صلى الله عليه وسلم في الدار الآخرة، وبيّن ما نعم به المسلمون من هداية ورشاد ... وهي قصيدة طويلة اخترنا منها الأبيات التالية [من الطويل] : لعلم والحلم والرحمة الواسعة]
«بطيبة رسم للرسول ومعهد ... منير وقد تعفو الرسوم وتهمد
ولا تنمحي الآيات من دار حرمة ... بها منبر الهادي الذي كان يصعد
عرفت بها رسم الرسول وعهده ... وقبرا به واراه في التّرب ملحد
ظللت بها أبكي الرسول فأسعدت ... عيون ومثلاها من الجفن تسعد
تذكّر آلاء الرسول- وما أرى ... لها محصيا- نفسي فنفسي تبلّد
مفجّعة قد شفّها فقد أحمد ... فظلّت لآلاء الرسول تعدّد
أطالت وقوفا تذرف العين جهدها ... على طلل القبر الذي فيه أحمد
فبوركت يا قبر الرسول وبوركت ... بلاد ثوى فيها الرشيد المسدّد
وبورك لحد منك ضمّن طيّبا ... عليه بناء من صفيح منضّد
تهيل عليه التّرب أيد وأعين ... عليه وقد غارت بذلك أسعد
لقد غيّبوا حلما وعلما ورحمة ... عشيّة علّوه الثرى لا يوسّد
وراحوا بحزن ليس فيهم نبيّهم ... وقد وهنت منهم ظهور وأعضد
يبكّون من تبكي السماوات يومه ... ومن قد بكته الأرض فالناس أكمد