للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهل عدلت يوما رزيّة هالك ... رزيّة يوم مات فيه محمد

يدلّ على الرحمن من يقتدي به ... وينقذ من هول الخزايا ويرشد

إمام لهم يهداهم الحقّ جاهدا ... معلّم صدق إن يطيعوه يسعدوا

عفوّ عن الزّلّات يقبل عذرهم ... وإن يحسنوا فالله بالخير أجود

عزيز عليه أن يحيدوا عن الهدى ... حريص على أن يستقيموا ويهتدوا

عطوف عليهم لا يثنّى جناحه ... إلى كنف يحنو عليهم ويمهد

فبينا هم في ذلك النور إذ غدا ... إلى نورهم سهم من الموت مقصد

فأصبح محمودا إلى الله راجعا ... يبكّيه جفن المرسلات ويحمد

فبكّي رسول الله يا عين عبرة ... ولا أعرفنك الدهر دمعك يجمد

وما لك لا تبكين ذا النعمة التي ... على الناس منها سابغ يتغمّد

وما فقد الماضون مثل محمد ... ولا مثله حتى القيامة يفقد

أعفّ وأوفى ذمّة بعد ذمّة ... وأقرب منه نائلا لا ينكّد

وأبذل منه للطريق وتالد ... إذا ضنّ معطاء بما كان يتلد

وأكرم حيّا في البيوت إذا انتمى ... وأكرم جدّا أبطحيا يسوّد

رباه وليدا فاستتمّ تمامه ... على أكرم الخيرات ربّ ممجّد

أقول ولا يلفى لقولي عائب ... من الناس إلّا عازب العقل مبعد

وليس هوائي نازعا عن ثنائه ... لعلّي به في جنّة الخلد أخلد

مع المصطفى أرجو بذاك جواره ... وفي نيل ذاك اليوم أسعى وأجهد»

«وقارىء شعر حسان لا يجد خيرا من هذه القصيدة في رثائه، وفي تعديد صفاته صلى الله عليه وسلم، بل وربما نعتبرها من أحسن ما نظم في الإسلام؛ وذلك لتغلغل الروح الإسلامية فيها، مع احتفاظها بقوة السبك وجزالة التركيب» .

ولحسان قصيدة أخرى عبر فيها عما سيحل به بعد فقد الرسول صلى الله عليه وسلم وما سيحل بالأنصار. جاء فيها [من الكامل] : ير من وطىء الحصى]

«ما بال عينك لا تنام كأنّما ... كحلت ماقيها بكحل الأرمد

جزعا على المهديّ أصبح ثاويا ... يا خير من وطىء الحصى لا تبعد

يا ويح أنصار النبيّ ورهطه ... بعد المغيّب في الضّريح الملحد

جنبي يقيك التّرب لهفي ليتني ... غيّبت قبلك في بقيع الغرقد

<<  <   >  >>