للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولما استبعدوا أن يبعث الله رسولا من البشر. قال تعالى: قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولًا [الإسراء/ ٩٥] أي لو كانوا ملائكة لوجب أن يكون رسولهم من الملائكة، لكن لما كان أهل الأرض من البشر وجب أن يكون رسولهم من البشر «١» . وهكذا يستمر المولى عزّ وجلّ في دفاعه عن هذا الرسول الكريم بما لم نعهده عند أي رسول آخر.

ومن المعلوم أن الدعوة إلى إطاعته، والمدافعة عنه، ومعرفة بعض شمائله الشريفة تدفع المرء إلى محبته صلى الله عليه وسلم؛ لأن الإنسان مجبول على محبة وتقدير الصفات الجميلة وكل من اتصف بها. فكيف إذا كانت محبته تحقق رضاء الله تعالى وسعادة الدارين.

قال تعالى: قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ [التوبة/ ٢٤] .

ويكفي هذا الرسول الكريم فخرا أن الله سبحانه قد جعل إتّباع الرسول يستوجب محبته سبحانه للمتبع، وغفران ذنوبه، وبكلمة، تبديله من حال الشقاء إلى السعادة والهناء. قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران/ ٣١] . هذه الآية تسمى آية المحبة: «قال بعض السلف: ادعى قوم محبة الله فأنزل الله هذه الآية إشارة إلى دليل المحبة وثمرتها وفائدتها. فدليلها وعلامتها إتباع الرسول، وفائدتها وثمرتها محبة المرسل لكم. فما لم تحصل المتابعة فلا محبة لكم حاصلة، ومحبته لكم منتفية، ويستحيل ثبوت محبتهم لله وثبوت محبة الله لهم بدون المتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم. فدل على أن متابعة الرسول هي حب الله ورسوله وطاعة أمره» «٢» .


(١) را: النبهاني، الأنوار المحمدية، ص ٣٩٨- ٤٠٠.
(٢) النبهاني، الأنوار المحمدية، ص ٣٩٣.

<<  <   >  >>