للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومحبة الرسول صلى الله عليه وسلم منزلة كبرى يتنافس فيها المتنافسون ويسعى إليها العاملون. وهي روح الإيمان والأعمال والمقامات والأحوال. وإذا كان المرء يحب من أسدى إليه معروفا، أو أنقذه من تهلكة أو دفع عنه مضرة عارضه؛ فما بالك بمن وقاه من العذاب السرمدي. وإذا كان الإنسان يحب غيره على ما فيه من صورة جميلة، وأخلاق طيبة، فكيف بهذا النبي الكريم الذي جمع محاسن الأخلاق، والذي بفضله منحنا الله تعالى خيري الدنيا والآخرة؛ لذلك وجب أن تكون محبتنا له أوفى من محبتنا لأنفسنا وأهلنا وأموالنا والناس أجمعين. روى البخاري عن أبي هريرة (ض) أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين» . وروى البخاري أيضا عن عمر بن الخطاب (ض) أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: «لأنت يا رسول الله أحب إلي من كل شيء إلا نفسي التي بين جنبي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:

لن يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه. فقال عمر: والذي أنزل عليك الكتاب لأنت أحب إليّ من نفسي التي بين جنبي. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم الآن يا عمر. وقد ثبت في الصحيحين من حديث أنس، أن رجلا قال: يا رسول الله متى الساعة؟ قال ما أعددت لها؟ قال: لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله. قال أنت مع من أحببت. قال أنس (ض) فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم أنت مع من أحببت. وقوله صلى الله عليه وسلم: المرء مع من أحب» «١» .

وقال علي بن أبي طالب (ض) : «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا» «٢» . «ولما أخرج أهل مكة زيد بن الدثنّة من الحرم ليقتلوه. قال له أبو سفيان بن حرب أنشدك بالله يا زيد أتحب أن محمدا الآن عندنا نضرب عنقه، وأنك في أهلك؟ فقال زيد: والله ما أحب أن محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة وإني جالس في أهلي. فقال أبو سفيان: ما رأيت أحدا من الناس يحب أحدا كحب أصحاب محمد


(١) النبهاني، الأنوار المحمدية، ص ٤١٠ وص ٦٣٠؛ مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم (بيروت دار الآفاق الجديدة) ٨/ ٤٢؛ ابن قيم الجوزية، روضة المحبين (بيروت دار الكتب العلمية) ص ٤١٢.
(٢) م. ع. ص ٤١١- ٤١٣.

<<  <   >  >>