للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلماء الكلام والفلاسفة ... وهناك موسوعات تترجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين كما فعل الزركلي في أعلامه؛ وبعض الموسوعات تهتم بتراجم أصحاب المؤلفات كما فعل كحالة في معجمه، وبعضها يهدف إلى استقصاء المؤلفات والمصنفات والتعريف بها كما فعل حاجي خليفة في كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون.

ومع كل هذه الموسوعات الجليلة التي أثرت المكتبة العربية، فإن المجال لا يزال واسعا لإضافة لبنات جديدة إلى هذا البناء العظيم.

وشعرنا العربي قد عرف- منذ نشأته الأولى وحتى أيامنا الحاضرة- مئات الدارسين والباحثين الذين بذلوا قصارى جهدهم، وجادوا بعصارة أدمغتهم، ووهبوا الغالي والنفيس في البحث عما في هذا الشعر من ملح ونوادر، ومرقصات مطربات، وأغان وموشحات، وفنون وحكم وبيان وفصاحة لسان ... لكنهم لم يهتموا بالمدائح النبوية، ولم يفردوا لها بحثا مستقلا «١» ، ولم يعنوا بترجمة ناظميها؛ كما لو كانت هذه القصائد غريبة على بيئتنا، لم تعط أصحابها شهرة وصيتا، فكأني بالمؤرخين للشعر وللشعراء يغافلون هذه الناحية ليغيّبوا أشرف وجه من وجوه الشعر العربي، وليطمسوا صفات أشرف البشر؛ لأن كثرة الإغفال والإهمال- في رأيهم- تؤدي إلى النسيان فالضياع. ولكن بفضل الله تعالى ومنّته عني بهذا النوع من الأدب رجال محبون لله تعالى، متيمون بحب رسوله الكريم، تلهج ألسنتهم بالصلاة عند سماع اسم خير الأنام، وتفيض أعينهم بالدموع شوقا لزيارة سيد ولد آدم عليه السلام، مرددين قول القائل [من الرمل] :

«لأديمنّ مديح المصطفى ... فعل من في الله قوّى طمعه

فعسى أنعم في الدنيا به ... وعسى يحشرني الله معه»

«٢»


(١) يستثنى من ذلك يوسف النبهاني صاحب المجموعة النبهانية التي اهتمت بذكر قصائد نبوية مرتبة على حروف المعجم. والدكتور زكي مبارك الذي أفرد كتيبا درس فيه فن المديح النبوي عند عدة شعراء لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة.
(٢) المقري، نفح الطيب ١/ ٥٥.

<<  <   >  >>