والتحسين، وإن اكتفى بالصلاة والامتداح المجرّد، فالأجر مضمون لا ينقص منه مثقال ذرّة.
فمن لم يؤت ملكة التصوير الفني الشعري الرفيع.. عمد إلى طاقتي التعبير اللغوي- ومشاعر التبجيل، اللتين نشأ عليهما فمارسهما وأتقنهما بصورة أو بأخرى، سواء بالنظم- وما أكثر الناظمين في هذا الباب- أم بالتقليد والعدوى اللذين يشبّ عليهما الكتاب والعلماء في شتى الحقول..
وإذا نحن أمام قائمتين من المدّاحين: قائمة الشعراء الملهمين، وقائمة الكتّاب الناظمين: كلتاهما مادحة (مصلّية) ، مؤمنة محسنة، تنتزع منا التأييد والإشادة مهما قلّ الكلام وانقبض المعنى.
وهو ما استشعرته طوال قراءتي لهذا الشعر النفيس مما كتبه الأخ درنيقة وجمعه، ورتّبه.. فلم يصدمني مدح نبوي واحد من بين المئات والألوف من المدائح التي اشتمل عليها كتابه.. لا لشيء، إلّا لأنها ضمّخت بألطاف رمضان وإشراقاته، وترجيع أنواره المباركة التي تشبه المرتاض في حديقة مترامية الأطراف، فيها من كل الأزهار، والأطيار، والثمار.. كيفما التفتّ لفحك النّور، وشنّفك الغناء، وطابت الثمار.. من غير أن تميّز فيها الكزّ، والناشز، والباهت..
ولو كانت القراءة في غير هذا الشهر، لأمكن تمييز الغثّ من الثمين، والكزّ من الرطيب وإن بنسبة ضئيلة.
تلك هي النعمة السّنيّة التي أنعم الله بها عليّ في شهر التوبة والطهارة، نعمت بها على مدى الثلاثين يوما؛ لا ضجر، ولا ضيق، ولا نفور.. لأن قلم الدكتور محمد سلس، بعيد عن تكلف المحبّرين، وتقعّر اللغويين.
ونهجه واضح يقتصر على التعريف بالعلم وباثاره.. بسطور لا تضطر معها إلى المراجعة إلّا للاستزادة.. منتهيا إلى زبدة التعريف وهي: المدحة النبوية التي اختصرها الكاتب، واكتفى منها بما يؤكد الصلاة المحمدية، ويسلط ضوآ على معاني الشاعر وطريقته ومنحاه.
ولئن فات زميلنا الباحث، الغوص على جماليّات الشعر المدحي،