للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتفصيلها؛ فإنك متوسم منها أروع ما عسى أن تدل عليه دلائل الحكمة، وسمة الفضيلة، وشدة النفس، وبعد الهمة، ونفاذ العزيمة، وإحكام خطة الرأي، وإحراز جانب الخلق الإنساني الكريم» «١» .

ولقد عجز الواصفون عن وصف هذه الفضائل، واعترف المادحون بالتقصير عن بلوغ اليسير منها، كقول الشاعر [من الكامل] :

«وإذا أردت لك الثناء فما الذي ... - والله قد أثنى عليك- أقول»

«٢» والملاحظ أن معظم الذين مدحوا الرسول صلى الله عليه وسلم قد مهدوا لذلك بالغزل العفيف، كما كان يفعل شعراء العصر الجاهلي في مدائحهم للملوك والأمراء. والله سبحانه وتعالى هيأ ويهيىء لهذا الرسول الكريم من يمتدحه، وينافح عنه، ويرد كيد أعدائه، ويذكر ماثره، في كل عصر ومصر. وقد جعل سبحانه هذا العمل من أعظم القربات إليه عز وجل. فمن أراد أن يحيا حياة طيبة، ويفوز فوزا عظيما في الدنيا والآخرة، عليه بمحبة الرسول الأعظم، واتباع تعاليمه، واتخاذه قدوة لقوله تعالى: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [سورة الأحزاب، الآية ٢١] .

«أخرج الطبراني عن عائشة (ض) قالت: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:

يا رسول الله إنك لأحبّ إليّ من نفسي، وإنك لأحبّ إليّ من ولدي. وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتي فأنظر إليك. وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين، وأني إذا دخلت الجنة خشيت ألاأراك. فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم شيئا حتى نزل جبريل عليه السلام بهذه الآية:

وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً [سورة النساء، الآية ٦٩] «٣» .


(١) الرافعي، تارخ آداب العرب ٢/ ٣٠٦.
(٢) النويري، نهاية الأرب ١٦/ ٢.
(٣) الكاندهلوي، حياة الصحابة ٢/ ٥٦٦- ٥٦٧.

<<  <   >  >>