للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال امرؤ القيس قصيدته التى أوّلها:

خليلىّ مرّا بى على أمّ جندب ... نقضّ لبانات الفؤاد المعذّب [١]

وقال علقمة قصيدته التى أوّلها

ذهبت من الهجران فى غير مذهب

البيت. ثم أنشداها جميعا، فقالت لامرئ القيس: علقمة أشعر منك، قال:

وكيف؟ قالت: لأنّك قلت

فللسّوط ألهوب

البيت، فجهدتّ فرسك بسوطك وزجرك، فأتبعته بساقك، وقال علقمة:

فولّى على آثارهنّ بحاصب ... وغيبة شؤبوب من الشّد ملهب [٢]

فأدركهنّ ثانيا

البيت، فأدرك طريدته وهو ثان من عنانه، لم يضربه بسوطه، ولم يمره بساقه، ولم يزجره، فقال لها: ما هو بأشعر منّى ولكنّك له عاشق! فطلّقها وخلف عليها علقمة، فسمّى «الفحل» لذلك.

٣٦١* ويقال إنه قيل له «الفحل» لأنّ فى رهطه رجلا يقال له علقمة الخصىّ. وهو علقمة بن سهل، أحد بنى ربيعة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، ويكنى أبا الوضّاح، وكان بعمان [٣] . وسبب خصائه أنّه أسر باليمن فهرب، فظفر به، ثم هرب مرّة أخرى، فأخذ فخصى، فهرب ثالثة، وأخذ جملين يقال لهما عوهج وداعر، فصارا بعمان، فمنها العوهجيّة والداعريّة، وكان شهد على قدامة بن مظعون، وكان عامل عمر على البحرين، بشرب الخمر، فحدّه


[١] ب د «نقضى» .
[٢] الحاصب: الريح الشديدة تحمل التراب والحصباء. الشؤبوب: الدفعة من العدو والجرى. الشد: العدو. وفى هذا البيت خلاف، يثبته بعض الرواة فى قصيدة امرئ القيس، ورواية الأغانى تثبته لعلقمة.
[٣] فى المؤتلف ١٥٢ «وكان له إسلام وقدر» وكذلك فى الخزانة ١: ٥٦٥. ويفهم من ترجمته أنه لم يعاصر علقمة الفحل، فلا يستقيم علقمة بن عبدة بلقب «الفحل» مقابلا لعلقمة الخصى، إلا أن يكون اللقب استحدث بعد، وهو بعيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>