١٣٢٨* كان العباس يهاجى خفاف بن ندبة السّلمىّ «٢» ، ثمّ تمادى الأمر بينهما إلى أن احتربا، وكثرت القتلى بينهما، فقال الضحّاك بن عبد الله السلمىّ، وهو صاحب أمر بنى سليم: يا هؤلاء، إنّى أرى الحليم يعصى، والسفيه يطاع، وأرى أقرب القوم إليكما من لقيكما بهواكما، وقد علمتم ما هاج الحرب على العرب حتّى تفانت، فهذه وائل فى ضرع ناب، وعبس وذبيان فى لطمة فرس، وأهل يثرب فى كسعة رجل، ومراد وهمدان فى رمية نسر، وأمركما أقبح الأمور بدءا، وأخوفها عاقبة، فحطّا رحل هذه المطيّة النّكداء، وانحرفا عن هذا الرأى الأعوج. فلجّا وأبيا إلّا السفاهة، فخلعتهما بنو سليم، وأتاهما دريد بن الصّمّة ومالك بن عوف النّصرىّ رأس هوازن، فقال دريد: يا بنى سليم إنّه أعملنى إليكم صدر وادّ، ورأى جامع، وقد قطعتم بحربكم هذه يدا من أيدى هوازن، وصرتم بين صيد بنى الحارث وصهب بنى زبيد وجمار خثعم، وقد ركبتما شرّ مطيّة، وأوضعتما إلى شرّ غاية، فالآن قبل أن يندم الغالب، ويذلّ المغلوب، ثم سكت. فقال مالك بن عوف: كم حىّ عزيز الجار، مخوف الصبّاح. أولع بما أولعتم به، فأصبح ذليل الجار، مأمون الصبّاح، فانتهوا ولكم كفّ طويلة وقرن ناطح، قبل أن تلقوا عدوّكم بكفّ جذماء وقرن أعضب.
فندم العبّاس، وقال: جزى الله خفافا والرّحم عنّى شرّا، كنت أخفّ سليم من