دمائها ظهرا، وأخمصها من أموالها بطنا، فأصبحت ثقيل الظهر من دمائها، منفضج البطن من أموالها، وأصبحت العرب تعيّرنى بما كنت أعيّرها به من لجاج الحرب، وايم الله لوددت أنى كنت أصمّ عن جوابه، أخرس عن هجائه، ولم أبلغ من قومى ما بلغت. فلما أمسى تغنّى:
ألم تر أنّى كرهت الحروب ... وأنّى ندمت على ما مضى
ندامة زار على نفسه ... لتلك التّى عارها يتّقى
وأيقنت أنّى لما جئته ... من الأمر لابس ثوبى خزى «١»
حياء، ومثلى حقيق به ... ولم يلبس القوم مثل الحيا
وكانت سليم إذا قدّمت ... فتى للحوادث كنت الفتى
وكنت أفىء عليها النّهاب ... وأنكى عداها وأحمى الحمى
فلم أوقد الحرب حتى رمى ... خفاف بأسهمه من رمى
فألهب حربا بأصبارها ... فلم أك فيها ضعيف القوى «٢»
فإن تعطف القوم أحلامها ... ويرجع من ودّهم ما نأى
فلست فقيرا إلى حربهم ... ولا بى عن سلمهم من غنى
فأجابه خفاف:
أعبّاس إمّا كرهت الحروب ... فقد ذقت من عضّها ما كفى