للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٩- سليك بن سلكة السعدى [١]

٦٢٤* هو منسوب إلى أمه سلكة، وكانت سوداء، واسم أبيه عمرو بن يثربىّ، ويقال عمير، (وهو) من بنى كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم. وهو أحد أغربة العرب [٢] وهجنائهم وصعاليكهم ورجيلائهم. وكان له بأس ونجدة.

وكان أدلّ الناس بالأرض، وأجودهم عدوا على رجليه، (وكان) لا تعلق به الخيل. وقالت له بنو كنانة حين كبر: إن رأيت أن ترينا بعض ما بقى من إحضارك؟ فقال: اجمعوا لى أربعين شابّا وابغونى درعا ثقيلة، فأخذها فلبسها، وخرج الشباب، حتّى إذا كان على رأس ميل أقبل يحضر، فلاث العدو لوثا [٣] ، واهتبصوا [٤] فى جنبتيه [٥] فلم يصحبوه إلا قليلا، فجاء يحضر منتبذا حيث لا يرونه، وجاءت الدرع تخفق فى عنقه كأنّها خرقة.

٦٢٥* وكان سليك يقول: اللهم إنّك تهيّىّ ما شئت لمن شئت إذا شئت، اللهمّ إنى لو كنت ضعيفا لكنت عبدا، ولو كنت امرأة لكنت أمة، اللهمّ إنى أعوذ بك من الخيبة، فأمّا الهيبة فلا هيبة. فأصابته خصاصة شديدة، فخرج على رجليه رجاء أن يصيب غرّة من بعض من يمرّ عليه، فيذهب بإبله، حتّى إذا أمسى فى ليلة من ليالى الشتاء قرّة مقمرة، اشتمل الصّمّاء ونام، فبينا هو كذلك جثم عليه رجل، فقال: استأسر، فرفع سليك رأسه فقال: إنّ الليل طويل


[١] ترجمته فى الأغانى ١٨: ١٢٣- ١٣٨ والمؤتلف ١٣٧.
[٢] انظر ما مضى ٢٤٤، ٣٢٩.
[٣] لاث العدو لوثا: أى طواه طيا.
[٤] اهتبصوا: من الهبص، بفتحتين. وهو النشاط والعجلة. والاسم «الهبصى. وهذا الفعل «اهتبص» لم يذكر فى المعاجم.
[٥] الجنبة، بفتح النون: الجنب، بسكونها، وهو شق الإنسان وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>